رحلة العائلة المقدسة.. سبب ارتباط العذراء بتسمية مركز “العياط” والخبز الذي لا يختمر في “المطرية”
من هى "سالومي" السيدة التى رافقت الطفل يسوع فى رحلته؟

تقرير- مرثا مرجان
قبل أكثر من ألفى عام، اختارت العائلة المقدسة مصر لتكون ملاذًا آمنًا يقيهم من بطش الملك الروماني هيرودس، لتبدأ الرحلة المقدسة فى أرض الكنانة، التى خلدها التاريخ وباركها الإيمان، تحمل أرضها أقدس الأماكن الدينية فى العالم، وتظل شاهدًا حيًا على النبوة والبركة.
اتخذت مريم العذراء والطفل يسوع ويوسف النجار الملقب (حارس العائلة المقدسة)، قرارًا بالفرار من بيت لحم إلى أرض الأمن والسلام مصر، ويذكر التقليد الكنسى أن “قابلة” تدعى “سالومى” نذرت نفسها لخدمة المولود ووالدته، ومن ثم رافقت العائلة المقدسة فى طريقًا طويلًا وشاقًا بدأ من مدينة رفح الواقعة على الحدود الشمالية الشرقية، وحتى جنوب مصر بمحافظة أسيوط، حيث نهاية الرحلة فى جبل درنكة.
حكاية اسم مركز “العياط” والخبز الذى لا يختمر فى “المطرية”
جابت العائلة المقدسة أرض مصر من شمالها إلى صعيدها، منحت العذراء وابنها البركات لمصر طوال رحلتها، أيضا تداول الناس الكثير من الحكايات المرتبطة بالرحلة منها اسم مدينة “العياط” والتى تحكى عن تجاوز شخص فى حق السيدة العذراء، لتلعنه فتتغير هيئته وصوته ويصير يعيط ويراه كل من يمر على المنطقة ليطلق عليها “العياط” حسب روايات سجلت فى التراث.
أيضا “حارة عيد” بمنطقة “المطرية” التى لا يختمر فيها العجين وتعود الحكاية حين طلبت العذراء رغيف خبر من أحد المنازل لتجيبها صاحبة البيت على غير الحقيقة أن الخبز لم يختمر بعد، وحتى اليوم لا يختمر فيها عجين حسب روايات يحكيها الأهالى حتى اليوم وأنه السبب فى عدم إقامة أى أفران فى هذه الحارة.
بدأت الرحلة من بيت لحم فى فلسطين، ثم إلى غزة، ومنها دخلت العائلة المقدسة الأراضى المصرية عبر مدينة رفح الحدودية، ليبدأ أطول مسار دينى متصل وقد استغرقت الرحلة فى مصر قرابة ثلاث سنوات ونصف، قطعت خلالها العائلة أكثر من 3 آلاف كيلومتر ذهابًا وإيابًا نتناولها في المحطات التالية.
“رفح” بوابة الدخول
يتكون مسار العائلة المقدسة من نحو 25 نقطة رئيسية منتشرة فى محافظات مصر من الشمال إلى الجنوب، وتم تحديدها بناءً على التراث الكنسى، وأبحاث المؤرخين بحسب الروايات التاريخية والتقليد القبطى، دخلت العائلة المقدسة الأراضى المصرية عبر رفح، التى كانت آنذاك تتصل بطريق التجارة القديم “طريق حورس”.
لتكون رفح أولى المدن المصرية التى استقبلت العائلة المقدسة، لتصبح شاهدة على بداية الرحلة المباركة.
العريش والفرما
بعد دخول رفح، توجهت العائلة المقدسة إلى العريش، ثم إلى الفرما (التى تقع بين بورسعيد والإسماعيلية حاليًا)، وهى منطقة كانت مليئة بالمعابد الوثنية، وتشير الروايات إلى أن العائلة واجهت مضايقات فيها.
تل بسطة “الزقازيق” وبلبيس “الشرقية”
فى تل بسطة، يقال إن العذراء سقت يسوع من بئر هناك، وسقطت الأصنام عند دخولهم، ثم انتقلوا إلى بلبيس، واستراحوا تحت شجرة عُرفت لاحقًا باسم “شجرة العذراء”.
سمنود “الغربية” وسخا “كفر الشيخ”
فى سمنود، استقبل الأهالي العائلة المقدسة بحفاوة، وصنعوا لهم خبزًا، وما زال حجر الطاحونة الذى استخدمته السيدة مريم موجودًا فى الكنيسة الأثرية هناك، أما فى سخا، طبع قدمه الطفل يسوع رجله على حجر لا يزال محفوظًا حتى اليوم.
وادى النطرون “البحيرة”
اتجهت العائلة إلى الصحراء الغربية، وتحديدًا وادى النطرون، وأقاموا هناك فترة قصيرة، وأصبح هذه المنطقة أحد أهم مراكز الرهبنة المسيحية الأديرة الأربعة الكبرى دير الأنبا بيشوى والأنبا مقار والبراموس ودير العذراء-السريان.
المطرية ومصر القديمة
فى منطقة المطرية، استراحت العائلة تحت شجرة شهيرة تُعرف بـ”شجرة مريم”، حيث غسلت العذراء ثياب يسوع من عين ماء بجانبها، لا تزال موجودة.
ثم انتقلت إلى مصر القديمة، حيث توجد كنيسة أبى سرجة التى تضم مغارة أقامت فيها العائلة المقدسة.
المعادى وكتاب مقدس يطفو على المياه
عبرت العائلة النيل إلى المعادى، وأقيمت هناك كنيسة العذراء وفى 12 مارس 1976، تم العثور على كتاب مقدس ضخم يطفو على سطح المياه، مفتوحًا على سفر أشعياء الإصحاح 19 عند آية “مبارك شعبى مصر” محفوظ داخل الكنيسة حتى الآن.
حلوان ودير الجرنوس “المنيا”
ومن المعادى إلى حلوان، ثم إلى صعيد مصر، حيث مروا بنمطقة الجرنوس القريبة من مدينة مغاغة، وأقيم هناك دير الجرنوس وهو من أقدم المواقع المرتبطة بالرحلة المقدسة.
البهنسا وسمالوط وجبل الطير
من الجرنوس انتقلت العائلة إلى البهنسا، ثم إلى سمالوط حيث جبل الطير، الذي ارتبط بمعجزة وقوف صخرة كادت تسقط على العائلة، ويعد “دير السيدة العذراء بجبل الطير” من أهم المزارات.
الدير المحرق “أسيوط”
من أهم محطات رحلة العائلة المقدسة محافظة أسيوط، حيث أقامت العائلة لفترة طويلة، فى منطقة “الدير المحرق” ويُقال إن الطفل يسوع نطق هناك أول كلماته في هذا المكان وشيدت كنيسة السيدة العذراء بالمحرق فى مكان البيت الذى عاشت فيه العائلة المقدسة، حيث يتواجد به مذبح دشنه المسيح بيديه حسب التقليد القبطى وتعد زيارة “الدير المحرق” بمثابة الحج للقدس فى فلسطين.
نهاية الرحلة جبل درنكة “أسيوط”
فى نهاية الرحلة، صعدت العائلة إلى جبل درنكة، حيث أقاموا فى مغارة بالجبل قبل العودة شمالاً إلى فلسطين، بعد زوال الخطر، وتم إنشاء دير السيدة العذراء بجبل درنكة حيث مكان المغارة والذى يقصده الآلاف من الزوار كل عام فى شهر أغسطس، كانت المحطة الأخيرة وانتهت الرحلة ولم تنتهى البركة حسب آيات الكتاب المقدس “مبارك شعبى مصر”.