محمد السوهاجي.. صوت الإبداع الذي ارتقى بالابتهال الديني من صعيد مصر إلى العالمية
محمد السوهاجي.. صوت الابتهال الصعيدي الذي أضاء ليالي رمضان في الجزائر

في قلب صعيد مصر، وتحديدًا من محافظة سوهاج، شق الشيخ محمد عبد الرؤوف السوهاجي طريقه نحو التألق في عالم الإنشاد الديني والابتهالات، ليصبح أصغر مبتهل معتمد في الإذاعة المصرية عام 2011.
مسيرة مميزة بدأت من شغف طفولي بالقرآن والإنشاد، وانطلقت إلى العالمية بفضل الله سبحانه وتعالى ثم موهبة متفردة وإصرار لا يعرف التوقف.
طفولة في ظلال القرآن
وُلد الشيخ السوهاجي في بيئة قرآنية أثرت روحه وألهمت موهبته. فقد كان والده قارئًا للقرآن الكريم، يصطحبه في حفلات التلاوة، حيث تشرب الطفل محمد حب القرآن وتعلم أهمية الإخلاص. يتذكر السوهاجي: “كنت أراقب تقدير الناس لوالدي وأتمنى أن أكون مثله، وكان يقول لي دائمًا إن بركة القرآن هي التي تفتح كل الأبواب.”
نقطة التحول في حياته المهنية
أدى أول ابتهالات علنًا في الصف الرابع الابتدائي، حيث حفظ قصيدة من البردة وألقاها في الإذاعة المدرسية، ليكتشف معلموه موهبته و يشجعونه على الاستمرار.
في عام 2011، حقق السوهاجي قفزة نوعية في حياته المهنية بعد اعتماده رسميًا كمبتهل بالإذاعة المصرية، وهو إنجاز وضعه في مصاف كبار المبتهلين رغم صغر سنه. منذ ذلك الحين، أصبح اسمه يتردد في محافل الإنشاد الديني، حاصدًا الجوائز على المستوى المحلي والدولي.
حصل السوهاجي على المركز الأول في الإنشاد الديني من وزارة الشباب عام 2007، وجائزة أفضل أداء من دار الأوبرا المصرية في نفس العام. كما مثل مصر في مهرجان منشد الشارقة 6 بدولة الإمارات، مما أكسبه شهرة عربية واسعة.
منذ عام 2014، حظي الشيخ محمد عبد الرؤوف السوهاجي بدعوات متعددة لإحياء المناسبات الدينية داخل مصر وخارجها. فقد شارك في أول ختمة قرآنية مصورة بمسجد السلطان الفاتح بتركيا.
وأيضا سافر إلى الجزائر عدة مرات بدعوة من وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية لإحياء ليالي رمضان، والمشاركة في القافلة المحمدية بمناسبة المولد النبوي الشريف، واحتفالات ذكرى الإسراء والمعراج بين عامي 2015 و2019.
كما لبّى دعوات من المغرب وجامعة النور بالهند، مقدمًا حفلاته في المساجد والجامعات، ليصبح أحد أبرز سفراء الإنشاد الديني في المحافل الدولية.
دور ريادي في خدمة الإنشاد الديني
لم يكن طموح الشيخ السوهاجي مقتصرًا على الأداء فقط، بل اتجه إلى تطوير هذا الفن من خلال التدريب والتحكيم. يعمل حاليًا كمدرب للأصوات ومدرس للمقامات في أستديو البدر، وعضو في لجنة الإبتهال الديني بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية. كما أنه عضو مجلس إدارة نقابة الإنشاد الديني التي تهدف للحفاظ على هذا الفن التراثي الأصيل.
رسالة الفن الديني
يرى السوهاجي أن الإنشاد والابتهالات ليسا مجرد فن، بل وسيلة لتعزيز القيم الدينية ومواجهة الفكر المتطرف. يؤكد قائلاً: “كلمات الأناشيد والابتهالات قادرة على غرس قيم التسامح والرحمة، لذا يجب أن نختارها بعناية ونتأكد من تأثيرها الإيجابي.”
كما يشدد على أهمية الابتكار في هذا المجال، قائلاً: “على المنشد أن يستمع لجميع المدارس ليطور أسلوبه الخاص، مع الحرص على عدم التقليد، لأن الجمهور يتطلع دائمًا إلى الجديد والمتميز.”
رمزًا للإبداع في فن الابتهال
بالإضافة إلى تقديمه للأعمال الجديدة، يستعين السوهاجي بالتراث لإحياء قصائد خالدة مثل البردة للإمام البوصيري. ويضع لمساته الخاصة على ألحان أناشيده، مما يجعله رمزًا للإبداع في فن الابتهال.
نموذجًا للشباب الموهوب
محمد عبد الرؤوف السوهاجي، ذلك الصوت الصعيدي الأصيل، أصبح علامة مضيئة في سماء الإنشاد الديني، مستلهمًا تراثه العريق ومخلصًا لرسالته الفنية. وبينما يواصل رحلته، يظل نموذجًا للشباب الموهوب الذي استطاع أن يحول شغفه إلى رسالة سلام وجمال تصل إلى قلوب الملايين.