رمضان شهر الخير والبركات.. كيف لا نستبشر به؟

يهلّ علينا شهر رمضان الكريم، حاملاً معه نفحات الإيمان والخير، مشرّعًا أبواب الجنان، مغلقًا أبواب النيران، ومقيدًا مردة الشياطين.
كيف لا يستبشر المؤمن بهذا الشهر الفضيل؟ كيف لا يفرح المذنب بفرصة جديدة لمحو الذنوب والتوبة؟ وكيف لا يغتنم العاقل هذه الأيام المباركة في الطاعات والقرب من الله؟ رمضان ليس كغيره من الشهور، فهو شهرٌ تتجلى فيه الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، شهرٌ تصفو فيه النفوس وتسمو الأرواح، فماذا يميزه عن باقي الشهور؟
فتح أبواب الجنة وإغلاق أبواب النار
من أعظم الفضائل التي خصّ الله بها شهر رمضان، فتح أبواب الجنة وإغلاق أبواب النار، كما جاء في الحديث النبوي الشريف: “إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين” (متفق عليه). وهذه دلالة على عظمة هذا الشهر، إذ تتضاعف فيه الحسنات، وتتهيأ الفرص لنيل المغفرة والرحمة. فكيف لا يستبشر المؤمن بفرصة التقرب من الله، وكسب الأجر العظيم، والتطلع إلى رضوانه وجنته؟
تصفيد الشياطين… فرصة للنجاة من وساوسهم
في رمضان، تصفد الشياطين، وتقل وساوسهم، مما يجعل النفس البشرية أكثر قابلية للخير وأبعد عن المعاصي. وهذا يمنح الإنسان فرصة ذهبية لمراجعة نفسه، وإصلاح قلبه، والتوبة الصادقة، فكم من أشخاص تركوا المعاصي في رمضان ولم يعودوا إليها بعده؟ وكيف لا يفرح العاقل بهذا الوقت المبارك، حيث يجد نفسه أكثر قدرة على الثبات على الطاعة والبعد عن الذنوب؟
رمضان شهر الطاعة والتقرب إلى الله
رمضان ليس مجرد شهر للصيام عن الطعام والشراب، بل هو شهر العبادة والطاعة. فيه تتلى آيات القرآن آناء الليل وأطراف النهار، وتقام الصلوات، ويتسابق المسلمون في أعمال البر من صدقات وإحسان وصلة رحم. وهو فرصة عظيمة لإصلاح النفس وتهذيب الروح، فالقلوب تكون أكثر خشوعًا، والنفوس أكثر استعدادًا للطاعة.
ليلة القدر… خير من ألف شهر
ومن أعظم ما يميز رمضان ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، والتي قال الله عنها في كتابه الكريم: “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ” (القدر: 1-3). إن إدراك هذه الليلة المباركة والاجتهاد في العبادة فيها فرصة عظيمة لا تعوض، حيث تتنزل فيها الملائكة بالرحمة والبركات، ويغفر الله فيها لمن قامها إيمانًا واحتسابًا.
رمضان مدرسة الأخلاق والصبر
يمثل شهر رمضان مدرسة متكاملة في تهذيب النفس وتدريبها على الصبر والانضباط. فالصائم يتعلم كيف يتحكم في شهواته، ويبتعد عن الغضب والجدال، ويجاهد نفسه ليكون أكثر صبرًا ورحمة بالآخرين. وهو شهر تعزز فيه القيم الأخلاقية كالتسامح، والعطاء، والكرم، حيث يحرص المسلم على مساعدة الفقراء والمحتاجين، ويزداد التلاحم بين أفراد المجتمع.
خاتمة
رمضان شهر لا يشبه غيره من الشهور، فهو شهر تتجلى فيه رحمة الله وكرمه، وتكثر فيه الخيرات، وتفتح فيه أبواب الجنة وتغلق أبواب النار، ويصفد فيه الشياطين، فيصبح الجو مهيأً للطاعة والقرب من الله. فكيف لا نفرح بقدومه؟ وكيف لا نستبشر بهذه النعمة العظيمة؟ فلنجعل من رمضان نقطة تحول في حياتنا، ونجتهد فيه بالعبادة والطاعة، فهو أيام معدودات، سرعان ما تنقضي، ويبقى الأجر لمن اغتنمها.