
تقرير: سمر صفي الدين
كانت فرانشيسكا ألبينزا تدرك منذ البداية أن عملها في التحقيق بانتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية لن يكون سهلاً. لكنها لم تتوقع أن تدفع ثمناً شخصياً باهظاً يصل إلى حد إدراج اسمها على قائمة العقوبات الأمريكية، فقط لأنها وصفت ما يجري في غزة بـ “الإبادة الجماعية”.
تقول ألبينزا في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس بصوت متهدج: “إدراج اسمي على قائمة العقوبات الأمريكية أمر بالغ الخطورة. الأشخاص الخاضعون للعقوبات لا يمكنهم إجراء معاملات مالية أو امتلاك بطاقات ائتمان في أي بنك أمريكي. لدي ابنة أمريكية وأصول في الولايات المتحدة، وهذا القرار سيضرني بشدة. ماذا يمكنني أن أفعل؟ لقد فعلت كل شيء بحسن نية”.
اقرأ أيضًا:: المرأة التي أزعجت إسرائيل وأمريكا.. تعرفوا على فرانشيسكا ألبانيز
أم وابنة في مواجهة ترامب
ألبينزا، وهي خبيرة مستقلة مكلفة من مجلس حقوق الإنسان في جنيف بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في الضفة الغربية وقطاع غزة. لم تتحدث فقط بصفتها مسؤولة أممية، بل أيضاً بصفتها أماً تخشى أن تؤثر العقوبات على حياتها وحياة ابنتها.
وتضيف: “ابنتي أمريكية. عشت في الولايات المتحدة ولدي أصول هناك. بالطبع سيضرني هذا الأمر على المستوى الشخصي والعائلي، لكن التزامي بالعدالة أهم من أي مصالح شخصية”.
تقرير أغضب إسرائيل
جاءت العقوبات بعد أسابيع من نشر ألبينزا تقريراً للأمم المتحدة بعنوان “من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة الجماعية”، وثقت فيه “الآليات المؤسسية التي تدعم مشروع الاستيطان الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين واستبدالهم”.
ودعت في استنتاجاتها إلى فرض عقوبات على إسرائيل ومقاضاة من وصفتهم بـ “مهندسي ومنفذي ومستفيدي الإبادة الجماعية”.
إسرائيل والولايات المتحدة نفتا بشدة هذه الاتهامات. بل إن واشنطن ضغطت سابقاً لإقالة ألبينزا من منصبها دون جدوى، قبل أن تتخذ خطوة العقوبات المباشرة، في سابقة نادرة ضد موظف أممي.
تأثير نفسي ومهني
تعترف ألبينزا بأن العقوبات ستغير حياتها. فهي الآن لا تستطيع فتح حسابات مصرفية جديدة في الولايات المتحدة، ولا استخدام بطاقات ائتمان أمريكية، ما يضعها أمام تحديات عملية يومية.
وتقول: “العقوبات، عندما تستخدم سياسياً، تكون مدمرة وخطيرة. أشعر بأنني أعاقب لأنني وصفت الواقع كما هو”.
صوت الأطفال في غزة
ورغم كل ذلك، تصر ألبينزا على أن صور الأطفال الهزيلين في غزة والتقارير عن عشرات الوفيات بسبب الجوع تجعلها متمسكة بعملها أكثر من أي وقت مضى.
وتؤكد: “لا أعتقد أن هناك كلمات كافية لوصف ما يحدث للشعب الفلسطيني. إن مشاهد الجوع والقصف تعكس مأساة لا يمكن تجاهلها”.
في نهاية حديثها، تعود ألبينزا إلى جوهر تجربتها الشخصية: “ربما أكون قد خسرت كثيراً من حياتي الشخصية بسبب هذا العمل، لكنني لم أندم. أنا أم، وأعلم أن كل طفل في غزة يستحق الحياة الكريمة. هذا بالنسبة لي أهم من أي حساب مصرفي أو بطاقة ائتمان”.