وكيل الأزهر: الأمة تواجه محاولات لطمس هويتها واستنزاف مقدراتها

أكد الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، أن الأمة الإسلامية تتعرض لمحاولات ممنهجة تهدف إلى طمس هويتها، واغتصاب أراضيها، واستنزاف مقدراتها، وتزييف وعي شعوبها.
وأوضح، خلال كلمته في مؤتمر كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالمنصورة، أن ما يحدث في فلسطين، وخاصة في غزة، هو محاولة واضحة لطمس القضية الفلسطينية عبر تهجير أهلها وإجبارهم على ترك وطنهم الذي عاشوا فيه لآلاف السنين.
وشدد الضويني على موقف الأزهر الشريف الداعم لجهود الدولة المصرية في وقف العدوان الصهيوني، ورفضه القاطع لكل المخططات التي تستهدف تهجير الفلسطينيين، مؤكداً أن الأزهر سيظل صوتاً مدافعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني، ولن يسمح بتمرير المشاريع الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية.
ثقة في القيادة المصرية وجهودها الإقليمية
أعرب وكيل الأزهر عن ثقته في حكمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وإخلاصه في الحفاظ على الوطن وسط تحديات عالمية معقدة.
وأكد أن الدور المصري في التصدي للأزمات الإقليمية والدولية هو دور محوري ينبغي دعمه بآليات حقيقية على مختلف المستويات السياسية، والقانونية، والاقتصادية، بعيدًا عن الشعارات التي لا تتجاوز الألسنة.
كما دعا المؤسسات والمنظمات الدولية إلى تبني مواقف عملية لدعم القيادة المصرية في جهودها لحل الأزمات، محذرًا من الانخداع بحملات التزييف الإعلامي التي تستهدف وعي الشعوب، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
تحذير من استباحة العلوم الإسلامية والعربية دون تأهيل
وفي سياق حديثه عن التحديات التي تواجه الدراسات الإسلامية والعربية،
أكد الضويني أن أخطر ما يهدد هذه المجالات هو جرأة غير المتخصصين على الخوض فيها دون تأهيل علمي. وأوضح أن هذه الظاهرة أدت إلى التشكيك في الثوابت الدينية، ومحاولة فصل الدين عن جذوره الشرعية والتاريخية، مما أسهم في تفشي أفكار تدعو إلى “أنسنة الدين”، وتحويله إلى مجرد منظومة فكرية إنسانية لا علاقة لها بالوحي الإلهي.
ودعا وكيل الأزهر إلى ضرورة التصدي لهذه الظواهر بحزم، من خلال تعزيز الدراسات المتخصصة، وإعادة تأهيل الكوادر العلمية القادرة على تقديم فهم صحيح ومنهجي للعلوم الإسلامية والعربية.
إحياء التراث في مواجهة الحداثة المتطرفة
أشار الضويني إلى أن الأزهر الشريف يؤمن بأهمية التجديد القائم على أسس علمية راسخة، محذرًا من الحداثة المتطرفة التي تحاول إنكار التراث والتخلي عنه. وقال: “إذا كانت الحداثة تتنكر للتراث، فإن الواجب علينا هو إحياؤه، ودراسته، وتدريسه، وانتقاء ما يساعد على نهضة حديثة تجمع بين قيم الماضي ومتطلبات الحاضر”.
وأكد أن التراث الإسلامي يمتلك آليات داخلية تمكنه من التجديد والتكيف مع المتغيرات الزمنية، وهو ما يعكس ثراء الفكر الإسلامي وقدرته على الاستجابة لمتطلبات العصر دون التخلي عن ثوابته.
الذكاء الاصطناعي: فرصة وتحدٍ أمام الدراسات الإسلامية والعربية
وفيما يتعلق بالتحولات التكنولوجية الحديثة، أكد وكيل الأزهر أن الذكاء الاصطناعي أصبح واقعًا لا يمكن تجاوزه أو التغافل عن تأثيراته، مشددًا على ضرورة التعامل معه بوعي واستثمار إيجابي.
وأوضح أن توظيف الذكاء الاصطناعي في الدراسات الإسلامية والعربية يمكن أن يسهم في تطوير العملية التعليمية والبحثية، لكنه في الوقت ذاته يحمل تحديات أخلاقية ومعرفية تستوجب وضع ميثاق أخلاقي يحدد الضوابط والمبادئ التي تحكم استخدامه، لضمان الاستفادة من إمكانياته دون الإضرار بالقيم والمبادئ الدينية.
التجديد ضرورة مجتمعية وليست خضوعًا للموجات الفكرية العابرة
أكد وكيل الأزهر أن التجديد بمفهومه الصحيح هو ضرورة حضارية، وليس مجرد استجابة لموجات فكرية عابرة.
وشدد على أن الجمود الفكري يؤدي إلى العزلة والانغلاق، في حين أن التجديد القائم على الفهم العميق للتراث يمكنه أن يسهم في نهضة حقيقية تعزز الانتماء والهوية.
وأشار إلى أن التراث الإسلامي يتميز بمرونته وقدرته على الاستجابة لمستجدات العصر، لكنه يحتاج إلى علماء ومفكرين قادرين على التعامل معه وفق مناهج علمية دقيقة، وليس وفق أهواء شخصية أو رؤى سطحية.
الأزهر في مواجهة الفكر المتطرف والتشكيك في التراث
أكد وكيل الأزهر أن الأزهر الشريف، انطلاقًا من مسؤوليته الدينية والعلمية، مستمر في مواجهة الفكر المتطرف، وتفنيد الشبهات التي تثار حول الإسلام، مشددًا على أن التشكيك في التراث الإسلامي ومحاولة تشويهه يخدم أجندات تهدف إلى طمس الهوية الإسلامية.
وأشار إلى أن الأزهر كان -ولا يزال- حارسًا أمينًا على التراث الإسلامي، يعمل على دراسته وتنقيحه ونشره، بما يضمن الحفاظ على هوية الأمة وسط التحديات الفكرية المعاصرة.
دعوة إلى خطة علمية لمواجهة التحديات المعاصرة
في ختام كلمته، دعا وكيل الأزهر القائمين على مؤتمر كلية الدراسات الإسلامية والعربية إلى وضع خطة واقعية تهدف إلى دراسة التحديات التي تواجه الدراسات الإسلامية والعربية، والعمل على إيجاد حلول علمية ومنهجية تضمن تطوير هذه المجالات في ظل المتغيرات المعاصرة.