
كتبت- مرثا مرجان
يستمر تقديم قضية استغلال الأطفال في الدراما والسينما بصور مختلفة تطرح المشكلة في محاولة لإيجاد حلول، فهي قضية اجتماعية هامة وتعتبر مادة درامية مشوقة في السينما والتلفزيون، تسلط الضوء على الجانب المظلم للمجتمع والجرائم المنظمة التي تستغل الفئات الهشة.
ومن أبرز هذه الشخصيات في الدراما المصرية، شخصية “الكتعة ” التي جسدتها الفنانة نعيمة الصغير في فيلم “العفاريت” عام 1990 وحازت الكتعة على قدر كبير من المصداقية، وبعد ما يقرب من 35 عامًا، جاءت شخصية “بابا ماجد” التي يؤديها محمود حميدة في مسلسل “ولاد الشمس” تذكرنا بالكتعة ولكنها تحمل سمات زمنها وبشكل يتناسب مع تطورات العصر.
الكتعة.. نموذج الشر
“الكتعة” في فيلم العفاريت شخصية شريرة مرعبة، تتزعم عصابة لخطف الأطفال واستغلالهم في التسول والسرقة، تستخدم أساليب قاسية في السيطرة عليهم، من خلال مظهرها الخارجي المخيف، ونبرة صوتها الحادة، وطريقتها القاسية في التعامل مع الأطفال، الأمر الذي جعلها أيقونة لشخصيات الأشرار في السينما المصرية، ونموذجًا لزعيمة العصابة التي تتحكم في مصير هؤلاء الصغار بلا رحمة، ولا تعبأ سوى بمصالحها، حتى لو كان الثمن معاناة الأبرياء.
بابا ماجد.. الشر العصري
يجسد “بابا ماجد” في مسلسل ولاد الشمس نموذجًا حديثًا لاستغلال الأطفال، وليد عصره، يرتدي ملابس منمقة يحرص على استخدام منديل البدلة يستخدمه عندما يزرف دموع التماسيح أو قد يكون سبب عقدة قديمة، يحرص عل تحقيق أهدافه بأسلوب أكثر ذكاءً وعنف غير مباشر، فهو رجل عصابة يدير شبكة للاستغلال تحت ستار الرعاية، متظاهرًا بدور الأب الحنون، بينما يستغل الأطفال في أعمال مشبوهة مثل السرقة والنصب، لا يستخدم الترهيب الصارخ مثل “الكاتعة”، إلا أن نفوذه وسيطرته النفسية على ضحاياه تجعل تأثيره أكثر خطورة .
الكاتعة وبابا ماجد وجهان لعملة واحدة
تعتمد “الكاتعة” على العنف المباشر والقسوة الفجة، بينما “بابا ماجد” أكثر دهاءً، يستغل الأطفال بطرق تبدو أقل وحشية لكنها بنفس الخطورة، كلاهما يستخدم السيطرة العقلية على الأطفال، لكن “الكاتعة” تعتمد على الترهيب والخوف، بينما “بابا ماجد” يوهمهم بالاحتواء والحماية المزيفة.
شخصية “الكتعة” تعكس واقع الجريمة في التسعينيات، حيث كانت العصابات تعمل بأساليب تقليدية، أما “بابا ماجد” فيمثل الشر العصري الذي يستغل الأطفال تحت غطاء اجتماعي محترم.
في النهاية بين عنف “الكتعة” الصريح ودهاء “بابا ماجد” الماكر، يظل استغلال الأطفال أحد أكثر الجرائم وحشية، وإذا كان المشاهدون قد كرهوا “الكتعة” في الماضي بسبب وحشيتها، فإن “بابا ماجد” يثير غضبًا أكبر لأنه يستخدم حروب نفسية لتحقيق أهداف إجرامية.