أكد الدكتور محمد عبد المالك، نائب رئيس جامعة الأزهر، أن مفهوم العبادة في الإسلام يتجاوز حدود العبادات التقليدية مثل الصلاة والصيام والزكاة والحج، ليشمل كل قول وفعل يحبه الله ويرضاه، سواء كان ظاهرًا أو باطنًا، بشرط الإخلاص وحسن النية.
وأوضح خلال استضافته في برنامج “مع الصائمين”، المذاع على قناة الناس يوم السبت، أن العبادة تعني الخضوع والانقياد لله تعالى، ولا تقتصر فقط على الأعمال المفروضة، بل تشمل أيضًا كل عمل صالح يؤديه الإنسان بروح الإحسان، مثل قراءة القرآن، الذكر، التسبيح، صلة الأرحام، الإحسان إلى المساكين، وإغاثة الملهوف، بل حتى الرفق بالحيوان، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ عن الرجل الذي دخل الجنة بسبب سقايته لكلب، في حين دخلت امرأة النار بسبب تعذيبها لهرة.
إصلاح ذات البين.. عبادة عظيمة
وأشار الدكتور عبد المالك إلى أن إصلاح ذات البين يُعد من أعظم العبادات التي أوصى بها النبي ﷺ، حيث قال في حديثه الشريف:
“ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين”.
وأكد أن إحلال السلام بين الناس وتقريب وجهات النظر هو من الأعمال التي تعلو في ميزان الحسنات، لما لها من تأثير كبير في استقرار المجتمع وتقوية الروابط الإنسانية.
السعي على الرزق.. عبادة يؤجر عليها الإنسان
وفي سياق حديثه عن اتساع مفهوم العبادة، شدّد نائب رئيس جامعة الأزهر على أن السعي لكسب الرزق بعرق الجبين هو أيضًا عبادة، وأن الإنسان إذا احتسب عمله لله، فإنه ينال عليه الأجر والثواب.
واستشهد بحديث النبي ﷺ الذي يوضح أن بعض الذنوب لا يكفرها إلا السعي على العيال، لافتًا إلى أن النية تلعب دورًا جوهريًا في تعظيم الأجر، حيث قال النبي ﷺ:
“إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى”.
وأشار إلى أن المسلم يمكنه تحويل أي عمل دنيوي إلى عبادة، إذا أخلص النية لله، سواء كان في عمله، أو في بره بوالديه، أو حتى في ابتسامته في وجه الآخرين.
رسالة للناس: اجعلوا كل أعمالكم عبادة
في ختام حديثه، وجّه الدكتور محمد عبد المالك رسالة للجمهور، حثّهم فيها على استحضار نية العبادة في كل تصرفاتهم اليومية، مؤكدًا أن الإسلام هو دين شامل يربط حياة الإنسان كلها بعبادة الله، وليس فقط في أوقات الصلاة والصيام.
وأضاف أن المؤمن الحقيقي هو من يجعل كل أعماله خالصة لله، ليحصد الأجر في الدنيا والآخرة، داعيًا الناس إلى تحقيق مفهوم العبودية الشاملة التي تشمل العمل الصالح، الكلمة الطيبة، والسلوك الحسن مع الآخرين.
