أخبار

حقيقة صلاة التراويح في عهد الرسول وأحكامها الفقهية

يزداد اهتمام المسلمين حول العالم بصلاة التراويح، خلال شهر رمضان، إحدى الشعائر العظيمة التي تُقام خلال ليالي هذا الشهر الكريم ويكثر التساؤل حول كيفية أدائها، وعدد ركعاتها، وأهميتها، والأهم من ذلك: هل صلاها النبي محمد ﷺ بنفسه؟

عدد ركعات صلاة التراويح.. رأي المذاهب الفقهية

صلاة التراويح هي سنة مؤكدة عن النبي ﷺ، يؤديها المسلمون جماعةً بعد صلاة العشاء طوال شهر رمضان أما عن عدد ركعاتها، فقد استقر رأي جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة المتبوعة على أن عددها عشرون ركعة، غير الوتر، مما يجعل مجموعها ثلاثًا وعشرين ركعة مع الوتر.

إلا أن بعض الفقهاء ذهبوا إلى أنها ليست محددة بعدد معين، فمن زاد على العشرين فلا حرج عليه، ومن نقص عنها فلا بأس، لكن تقليل عدد الركعات يجعلها تصنف ضمن “قيام الليل” وليس التراويح بالشكل المتعارف عليه.

هل صلى النبي التراويح جماعة؟

على الرغم من أن النبي ﷺ أمر بصلاة التراويح وحثّ عليها، فإنه لم يؤدّها بشكل دائم في المسجد جماعةً، وذلك مخافة أن تُفرض على أمته، مما قد يجعلها عبئًا على المسلمين.

تروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ خرج ليلةً من جوف الليل إلى المسجد فصلى، فاقتدى به بعض الصحابة، وفي الليلة التالية كثر عدد المصلين، وفي الليلة الثالثة امتلأ المسجد بالمصلين، حتى لم يعد هناك مكان يسعهم.

لكن في الليلة الرابعة، لم يخرج النبي ﷺ إلى المسجد للصلاة، حتى صلاة الفجر، وحين انتهى من الصلاة، التفت إلى الناس وقال: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ، وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا» (متفق عليه).

توفي النبي ﷺ والأمر على هذا الحال، أي أن صلاة التراويح لم تكن تُؤدى بشكل جماعي دائمًا في عهده.

إقامة التراويح جماعةً في عهد الخلفاء الراشدين

بعد وفاة النبي ﷺ، ظل الصحابة يؤدون صلاة التراويح فرادى أو في مجموعات صغيرة داخل المسجد.
لكن في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، رأى أن الناس يصلّون في جماعات متفرقة، فقرر جمعهم خلف إمام واحد، وأمر الصحابي الجليل أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه بإمامتهم.

ومنذ ذلك الحين، استمر المسلمون على هذه السنة، وأصبحت صلاة التراويح تُؤدى في جماعة داخل المساجد، اقتداءً بما أقرّه الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه.

حكم صلاة التراويح في المسجد أو المنزل

يختلف الفقهاء حول أفضلية أداء صلاة التراويح في المسجد أو المنزل، فبينما يرى البعض أن الجماعة في المسجد أفضل لما فيها من اجتماع المسلمين على الطاعة وإحياء السنة، يرى آخرون أن صلاتها في البيت فيها اتباع لهدي النبي ﷺ الذي صلاها في منزله بعد الأيام الثلاثة الأولى.

لكن في النهاية، تبقى صلاة التراويح سنة مؤكدة، وأداؤها سواء في المسجد أو المنزل هو أمر مشروع، والأهم هو الاجتهاد في إحيائها وعدم التفريط فيها لنيل الأجر العظيم.

روحانيات رمضان لا تكتمل دون التراويح

تظل صلاة التراويح من أعظم العبادات التي يحرص عليها المسلمون في شهر رمضان، لما تحمله من روحانية عالية وفرصة لنيل الثواب العظيم سواء صُلّيت في المسجد أو في البيت، فإن الأهم هو الالتزام بها، اقتداءً بالنبي ﷺ وأصحابه الكرام، سائلين الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights