📢 أعلن على موقع اليوم الإخباري الآن – واجهتك المثالية للوصول إلى آلاف الزوار يوميًا 🔥 تواصل عبر واتساب +20 100 244 0441   |   أعلن الآن
مقالات

د. أسامة البيطار يكتب: مصر وطنٌ بحجم القلب والتاريخ

عندما تخطو قدماي على أرض مصر، أشعر وكأنني في وطني، بل وكأن هذه الأرض تعرفني قبل أن أعرفها. ليست مصر مجرد بلد، بل هي حضنٌ دافئ يحتضن كل من يزورها، بأهلها الطيبين، وقلوبهم العامرة بالمحبة، وعقولهم التي تمتلئ بالحكمة. في مصر لا تكون غريبًا، فسرعان ما تنسجم مع تفاصيلها، من شوارعها القديمة التي تحمل عبق التاريخ، إلى نيلها الذي يروي القلوب قبل أن يروي الأرض.

منذ أن بدأت علاقتي الوثيقة بمصر وأهلها من خلال عملي في الملكية الفكرية، لمست روحًا فريدة تميز هذا الشعب. شعبٌ ذكي بالفطرة، لديه حسٌ وطني نادر، يواجه التحديات بصبرٍ وعزيمة، ويُحب بلده كما لم أرَ شعبًا يحب وطنه من قبل. في كل مرة أزور فيها مصر، أزداد يقينًا بأنها ليست مجرد دولة عربية، بل هي قلب الأمة النابض، وحصنها الذي ظل شامخًا عبر الزمن.

مصر.. أرض العلم والثقافة

في مصر تتعلم قبل أن تنطق، فكل حجر فيها يروي قصة، وكل شارع فيها يحمل ذاكرة العصور. من الأزهر الشريف، منارة العلم التي أضاءت دروب المعرفة لقرون، إلى الجامعات العريقة التي خرجت أجيالًا من المفكرين والعلماء، ومن دور الأوبرا والمسارح التي شكلت هوية الفن العربي، إلى مقاهي المفكرين التي شهدت أعظم الحوارات، ستدرك أن مصر ليست مجرد مكان، بل هي فكرة.. هي كتابٌ مفتوح لكل من يريد أن يتعلم.

ليس غريبًا أن تجد في مصر امتزاجًا نادرًا بين الحضارات، فهنا يجتمع التاريخ الفرعوني العريق، مع روح الإسلام السامية، مع المسيحية التي أضاءت أرضها بالنور منذ فجر التاريخ. هنا تسمع صوت المآذن يعانق أجراس الكنائس، في تناغمٍ لا تجده في أي مكان آخر، هنا التسامح بمعناه الحقيقي، وهنا التعددية التي صنعت من مصر نموذجًا يحتذى به.

مصر.. التحدي والصمود

حين تنظر إلى مصر، ترى بلدًا يعرف كيف يقف مجددًا رغم كل العواصف، كيف يحول المحن إلى منح، وكيف يجعل من المستحيل واقعًا ملموسًا. إنها مصر التي قهرت الغزاة عبر التاريخ، وصنعت حضارتها بعرق وجهد أبنائها، مصر التي لم تنكسر يومًا رغم الأزمات، بل خرجت منها أقوى وأصلب.

حين أمشي في شوارعها، أرى في عيون الناس شغف الحياة، وفي حكاياتهم دروسًا لا تُحصى، وفي ترابطهم الاجتماعي قوةً تذكرني بمعنى الأمة الحقيقية. مصر ليست مجرد بلدٍ عابر في التاريخ، بل هي التاريخ نفسه، هي ذاكرة العرب، وروح الشرق، وهي بوابة الحضارة التي لا تزال تمنح العالم علمًا وثقافةً وإبداعًا.

مصر.. قصة عشق لا تنتهي

إنني إذ أكتب عن مصر، فإنني لا أكتب عنها كزائر أو ضيف، بل كإنسان وجد فيها بيتًا آخر، وشعبًا أحبّه بصدق. مصر لا تحتاج إلى من يمدحها، فهي أكبر من كل الكلمات، لكنني وجدت نفسي مدفوعًا للكتابة عنها، لأن الحب الصادق لا يمكن أن يبقى حبيس القلب.

وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي:

“يا مصرُ، يا قبلة العشاق، يا وطني.. كل الأماني مضت.. وبقيت لي سندي”

مصر.. ستبقى دائمًا في القلب، وستبقى دائمًا رمزًا للعراقة، والعلم، والصمود، والمحبة التي لا تنضب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights