استثمار سعودي أمريكي بقيادة ترامب.. هل تتلقى إيران ضربة أم صفقة؟

في خطوة تعكس التوجه الاستراتيجي للمملكة العربية السعودية لتعزيز مكانتها الإقليمية، أبدى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان استعداده لضخ استثمارات ضخمة في الولايات المتحدة بقيمة تتجاوز 600 مليار دولار.
هذه الخطوة تأتي في إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين، وذلك بفضل الحوار المفتوح الذي يجري مع الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب، حيث تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات جيوسياسية كبيرة، خاصة في ظل التوترات المستمرة مع إيران.
تعزيز النفوذ السعودي
ناقش اللواء محمد عبد الواحد، الخبير في العلاقات الدولية وشؤون الأمن القومي، أن السعودية تسعى من خلال هذه الاستثمارات إلى تعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في ظل المنافسة الشديدة مع إيران.
وأشار إلى أن هذه الاستثمارات جزء من رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودي وتقليل الاعتماد على النفط.
وأضاف أن من المتوقع أن تشمل هذه الاستثمارات مجالات متعددة مثل الذكاء الاصطناعي، والطاقة، والتكنولوجيا، مما يعزز من قدرات المملكة الاقتصادية والتكنولوجية.
اللا سلم واللا حرب
على الرغم من التوترات المستمرة بين واشنطن وإيران، فإن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب تسعى إلى تحقيق توازن في العلاقات مع طهران دون الدخول في مواجهات عسكرية مباشرة.
وأوضح اللواء عبد الواحد أن الولايات المتحدة تدرك أن إيران هي العنصر الأكثر فعالية في معادلة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي فهي لن تخسرها بسهولة.
وأضاف أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى تطويع الموقف الإيراني وإرغام إيران على تنفيذ مطالب أمريكية دون الوصول لمواجهة عسكرية شاملة.
الصفقات الاستراتيجية والتعاون العسكر
من المتوقع أن تسهم الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة في تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، حيث تسعى المملكة إلى الحصول على تقنيات عسكرية متطورة وأنظمة دفاع جوي حديثة.
وأكد اللواء عبد الواحد أن هذا التعاون العسكري يعزز من قدرات المملكة في مواجهة التهديدات الإقليمية، خاصة من إيران. وأضاف أن السعودية ستحصل على مزايا كبيرة من هذه الاستثمارات، بما في ذلك الحماية الأمريكية ضد سلوك إيران في المنطقة.
التأثيرات الاقتصادية والسياسية
تعتبر الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز مكانة المملكة في المنطقة ومواجهة التحديات الإيرانية.
ومن المتوقع أن تسهم هذه الاستثمارات في تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين، مع تحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية كبيرة للمملكة.
وأشار اللواء عبد الواحد إلى أن المملكة ستستفيد من هذه الاستثمارات في مجالات متعددة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والطاقة والتكنولوجيا، مما يعزز من قدراتها الاقتصادية والتكنولوجية.
التحديات المستقبلية
على الرغم من الفوائد المتوقعة من هذه الاستثمارات، فإن هناك تحديات مستقبلية تواجه المملكة في تحقيق أهدافها.
وأوضح اللواء عبد الواحد أن المملكة ستحتاج إلى التعامل مع التوترات الإقليمية والمنافسة الشديدة مع إيران، بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية والسياسية الداخلية.
وأضاف أن المملكة ستحتاج إلى تعزيز تعاونها مع الولايات المتحدة والدول الأخرى لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
كما أن السعودية تلعب دوراً بارزاً في الساحة الإقليمية، حيث أدركت أهمية تعزيز نفوذها ودورها في مواجهة التحديات السياسية والأمنية المتزايدة في المنطقة، لا سيما مع النفوذ الإيراني المتزايد والتمدد الإقليمي لإسرائيل.
اللواء محمد عبد الواحد أوضح أن السعودية تعمل على الحفاظ على دورها المؤثر في المنطقة من خلال توازن القوى، الذي يشمل مجموعة من الدول المؤثرة مثل إسرائيل وتركيا، ما يجعل النفوذ الإيراني يتراجع إلى الوراء.
ويشير عبد الواحد إلى أن دول الخليج، بما في ذلك السعودية، تعي أن الولايات المتحدة تسعى إلى تطويع الموقف الإيراني دون الدخول في مواجهة عسكرية شاملة.
وهذا يظهر من خلال التركيز على الضغط الدبلوماسي واستخدام العقوبات كوسيلة للحد من النشاط الإيراني في المنطقة.
الناتو العربي
فيما يتعلق بمسألة تشكيل ناتو عربي، يرى اللواء عبد الواحد أن الوقت الحالي ليس مناسباً لهذا الإطار.
فقد تم طرح الفكرة في مناسبات سابقة، مثل عام 2011 وعام 2015، وأيضاً خلال فترة ولاية ترامب الأولى، لكن تنفيذ هذا التحالف ما زال صعباً في ظل تباين مواقف الدول المختلفة، حيث لا تزال هناك اختلافات في القضايا المتعددة المرتبطة بالمنطقة.
السعودية تسعى إلى الحفاظ على نفوذها كقوة عربية وإسلامية، حيث تعمل على تعزيز مكانتها ودورها في المنطقة من خلال التفاعل مع القوى الإقليمية الأخرى مثل إسرائيل وتركيا، في مواجهة النفوذ المتزايد لإيران.
وتعتبر المملكة أن تعزيز التعاون مع القوى المختلفة، مع الاحتفاظ بمسافة آمنة من أي مواجهة عسكرية مباشرة، هو النهج الأكثر فعالية لتحقيق استقرار المنطقة وتحقيق أهدافها الإقليمية.
التحديات في إيران
إيران تواجه تحديات معقدة على الساحة الإقليمية، حيث يتزايد الصراع الداخلي بين مختلف الأطراف داخل النظام الإيراني، وخاصة بين الإصلاحيين والمحافظين.
اللواء محمد عبد الواحد يوضح أن إيران، رغم تباين المواقف داخلها، تشهد توافقاً في المرحلة الحالية من حيث تبادل الأدوار بين الإصلاحيين والمحافظين.
ومنذ تولي الرئيس السابق إبراهيم رئيسي السلطة في إيران، أصبح هناك تركيز على تعزيز النفوذ الإقليمي وتعزيز التحالفات مع القوى الأخرى مثل الحوثيين في جنوب البحر الأحمر وتأثيرهم على الملاحة الدولية، فضلاً عن الاستمرار في تهديد أمن الطاقة في منطقة الخليج ومضيق هرمز.
هذا الوضع يزيد من التعقيد في تحديد سياسة إيران الخارجية، حيث تسعى إلى المحافظة على المكاسب التي حققتها في العقود الماضية، لا سيما في القطاعات الحيوية مثل النفط والغاز والبنية التحتية.
الحرس الثوري الإيراني هو اللاعب الرئيسي في تنفيذ السياسة الخارجية الإيرانية، حيث لديه نفوذ واسع في المناطق الحيوية مثل الشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
ومع ذلك، هناك شعور واضح في أوساط الحرس بأن النفوذ الإيراني يتراجع نتيجة الضغوط الدولية والعقوبات الاقتصادية، إضافة إلى الضربات التي تلقتها إيران في مناطق مثل غزة ولبنان وسوريا.
الولايات المتحدة الأمريكية تدرك هذا الوضع جيداً، وتسعى إلى عدم التصعيد مع إيران، وذلك من خلال استخدام الوسائل الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية للضغط عليها دون اللجوء إلى مواجهة عسكرية شاملة.
الولايات المتحدة تراقب عن كثب كيفية إدارة إيران لهذه التحديات، خاصة مع استمرار تراجع نفوذها في مختلف الساحات الإقليمية.
في الوقت نفسه، تؤكد إيران قدرتها على ممارسة ضغط مستمر من خلال أدواتها المختلفة، بما في ذلك الحروب السبرانية والعمليات الاستخباراتية، لتقوية موقفها وحماية مصالحها في مواجهة الضغوط الدولية.