
وسط دخان كثيف يسد الأفق، ولهيب نار لا يرحم، كان هناك شاب عشريني يرتدي خوذة الدفاع المدني، يتحرك بخفة المحارب، لا يحمل في قلبه سوى شجاعةٍ ورثها عن والده.. إنه الملازم أول نور امتياز كامل، ابن البطل الشهيد في حادث الواحات الإرهابي، والذي تصدّر اسمه مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن شارك في ملحمة إطفاء حريق سنترال رمسيس.
بدأت الكارثة عند التاسعة صباحًا من يوم الإثنين، حين اندلعت النيران في الطابق السابع من مبنى السنترال، وسرعان ما امتدت إلى الطوابق الأخرى.
وسط انهيار داخلي جزئي، وصعوبة في الوصول إلى بؤرة الحريق، خاض أكثر من 85 رجلًا من رجال الحماية المدنية معركة شرسة ضد ألسنة اللهب. بينهم كان نور، يواجه نفس المصير الذي واجهه والده قبل سنوات، ولكن في ساحة مختلفة.
نور لم يكن مجرد ضابط مطافئ، بل كان رمزًا للبطولة المتجددة، وقف في الصفوف الأولى رفقة زملائه، يخوضون معركة امتدت لأكثر من عشر ساعات متواصلة، حتى تمت السيطرة على الحريق الذي أسفر عن مصرع 4 مهندسين بالشركة المصرية للاتصالات، وإصابة 79 آخرين، بينهم 48 من رجال الشرطة.
لم يكن ما فعله نور إلا امتدادًا طبيعيًا لسيرة والده، الشهيد اللواء امتياز كامل، أحد رموز بطولة الشرطة في معركة الواحات البحرية، الذي سقط في ميدان الشرف دفاعًا عن الوطن. واليوم، يقف الابن على أرض النار لا يهرب ولا يتراجع، ليكتب سطرًا جديدًا في دفتر المجد.
لم يكن مفاجئًا أن يتصدر اسمه “التريند”، وأن تنهال عليه عبارات الفخر من كل حدب وصوب، أبرزها من والدته التي قالت في منشور مؤثر: “أبوك كان بطل.. وإنت كملت الطريق”.