نحو عصر الفضاء العربي.. البحرين تطلق القمر الصناعي “المنذر” والإمارات تطلق “اتحاد سات”

شهد العالم العربي، اليوم السبت، إنجازًا تاريخيًا في قطاع الفضاء، حيث نجحت البحرين في إطلاق قمرها الصناعي “المنذر”، بينما أطلقت الإمارات أول قمر صناعي راداري متطور يحمل اسم “اتحاد سات”، في خطوة تعزز ريادة البلدين في استكشاف الفضاء واستخدامه في التنمية والبحث العلمي.
البحرين تدخل عصر الفضاء بإطلاق “المنذر”
أعلنت الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء في البحرين عن نجاح عملية إطلاق القمر الصناعي “المنذر”، الذي تم إرساله إلى مداره عبر صاروخ “فالكون 9” التابع لشركة “سبيس إكس”، من قاعدة فاندنبرغ الفضائية في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.
و أكد الرئيس التنفيذي للهيئة، محمد إبراهيم العسيري، أن القمر الصناعي “المنذر” يشكل نقلة نوعية في القدرات الوطنية لمواكبة التقدم في علوم الفضاء. وأشار إلى أن القمر تم تصميمه وتطويره بالكامل بأيدي مهندسين بحرينيين شباب، ما يعكس المستوى التقني المتقدم الذي وصلت إليه المملكة، ويؤكد استعدادها للدخول في مجالات البحث والاستكشاف الفضائي.
وأوضح العسيري أن “المنذر” سيخدم عدة قطاعات حيوية، من خلال توفير بيانات وصور فضائية تدعم البنية التحتية والتخطيط العمراني، إضافة إلى المساهمة في مراقبة التغيرات المناخية، وتحليل الموارد الطبيعية، ودعم جهود الاستدامة البيئية.
وبحسب بيان رسمي، فإن القمر الصناعي البحريني نجح في الانفصال عن الصاروخ والوصول إلى مداره المتزامن مع الشمس على ارتفاع 550 كيلومترًا عن سطح البحر، ليبدأ سلسلة من الاختبارات المدارية لضمان جاهزيته قبل بدء العمليات التشغيلية الكاملة.
ويزن “المنذر” حوالي 3.2 كيلوجرام، وينتمي إلى فئة الأقمار الصناعية النانوية، وتم تزويده بقدرات تحليل ومعالجة بيانات متقدمة تتيح له العمل بفعالية في بيئة الفضاء القاسية. ويضم القمر أربع حمولات تقنية رئيسية، كل منها مصممة لخدمة هدف استراتيجي ضمن رؤية البحرين لتعزيز مكانتها في قطاع الفضاء، والمساهمة في الأبحاث العلمية والابتكارات الفضائية.
الإمارات تطلق أول قمر صناعي راداري “اتحاد سات”
وفي إنجاز فضائي آخر، أعلن مركز محمد بن راشد للفضاء عن نجاح المرحلة الأولى من إطلاق القمر الصناعي الراداري “اتحاد سات”، الذي تم تطويره بالكامل بأيادٍ إماراتية، بالتعاون مع شركة “ساتريك إنشيتيف” الكورية الجنوبية.
وانطلق القمر من قاعدة فاندنبرغ في كاليفورنيا على متن صاروخ “فالكون 9″، ومن المتوقع أن يصل إلى مداره خلال ساعتين، حيث سيبدأ في إرسال أول إشارة إلى مركز التحكم في دبي، ليتم تشغيله وإدارته بالكامل من قبل فريق إماراتي.
ويعد “اتحاد سات” الأول من نوعه في العالم العربي، حيث يتميز بتقنيات تصوير متطورة تشمل ثلاثة أنماط رئيسية: التصوير الدقيق للمناطق الصغيرة، والتغطية الواسعة، والرصد الممتد. وستساهم هذه التقنيات في دعم مجالات الزراعة الذكية، والمراقبة البيئية، وتتبع الملاحة البحرية، وإدارة الكوارث، واكتشاف تسربات النفط. كما ستُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل بياناته بدقة عالية، مما يتيح استخلاص معلومات استراتيجية تعزز من اتخاذ القرارات في القطاعات الحيوية.
توسع عربي في قطاع الفضاء
يأتي إطلاق القمرين الصناعيين ضمن استراتيجية عربية متكاملة لتعزيز القدرات الفضائية والبحثية، حيث تسعى الدول الخليجية إلى الاستثمار في تكنولوجيا الفضاء، سواء عبر تطوير أقمار صناعية متخصصة أو إطلاق مشاريع بحثية بالتعاون مع وكالات الفضاء العالمية.
ويعد هذا التقدم امتدادًا للجهود العربية التي بدأت في السنوات الأخيرة، مع نجاح الإمارات في إرسال مسبار “الأمل” إلى المريخ، وتطوير أقمار صناعية متقدمة لخدمة مجالات الاتصالات والاستشعار عن بعد. وفي المقابل، تعمل البحرين على تطوير قطاع الفضاء عبر بناء كوادر وطنية مؤهلة وتبني مشاريع بحثية متقدمة في مجال تكنولوجيا الفضاء.
ويؤكد الخبراء أن هذه الإنجازات تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الفضاء، وتعزيز مكانة الدول العربية على الخريطة العلمية والتكنولوجية العالمية. كما تسهم هذه المشروعات في دعم خطط التنمية المستدامة، من خلال توفير بيانات فضائية دقيقة تساعد في اتخاذ قرارات مستنيرة في مجالات الزراعة، والمياه، والطاقة، والبنية التحتية.
مستقبل واعد للفضاء العربي
مع استمرار الاستثمار في برامج الفضاء، يبدو أن المستقبل يحمل مزيدًا من الإنجازات للدول العربية، حيث تتطلع العديد من الدول إلى تطوير مشاريع فضائية أكثر طموحًا، مثل إرسال بعثات فضائية مأهولة، وتطوير تكنولوجيا متقدمة لاستكشاف الكواكب والنجوم، والمشاركة في البرامج الفضائية الدولية.
ويعكس إطلاق “المنذر” و”اتحاد سات” التقدم الكبير الذي تحققه الدول العربية في قطاع الفضاء، ويمهد الطريق لمزيد من المشاريع المستقبلية التي تعزز مكانة العالم العربي كلاعب رئيسي في هذا المجال الاستراتيجي.