أخبار

احتفال الأزهر بذكرى العاشر من رمضان: نصرٌ خالد ورسالةٌ تتجدد لجيل المستقبل

في أجواء من الفخر والاعتزاز، احتضن الجامع الأزهر الشريف احتفالية كبرى بمناسبة الذكرى الـ 53 لانتصارات العاشر من رمضان، التي تتزامن مع السادس من أكتوبر عام 1973.
جاء الاحتفال ليؤكد على مكانة هذا الحدث التاريخي في الذاكرة الوطنية، مستعرضًا الدور الريادي الذي قام به الأزهر وعلماؤه في دعم الجيش المصري خلال معركة التحرير.

شهدت الاحتفالية حضور عدد من كبار العلماء والمسؤولين، يتقدمهم فضيلة الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني، وكيل الأزهر الشريف، نائبًا عن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وفضيلة الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، واللواء محمد العتريس، مساعد مدير الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة، إلى جانب عدد من الشخصيات البارزة، منهم الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف السابق، والدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، والدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، والدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، والسيد محمود الشريف، نقيب الأشراف، والسيد عبد الهادي القصبي، شيخ مشايخ الطرق الصوفية، والشيخ أيمن عبد الغني، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية.

وشهد الجامع الأزهر حضورًا كثيفًا من طلاب الأزهر الشريف والمصلين الذين حرصوا على التواجد في هذا الحدث الوطني الكبير، مؤكدين على ارتباط الأزهر الدائم بالقضايا الوطنية ومواقفه المشرفة في الدفاع عن الوطن.

افتتاح الاحتفالية بتلاوة خاشعة وكلمات مؤثرة

بدأت الاحتفالية بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، تلاها القارئ الطبيب أحمد نعينع، الذي أضفى بروحه الخاشعة جوًا من السكينة والتدبر على الحضور.

عقب ذلك، ألقى فضيلة الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، كلمة استعرض فيها عظمة هذا اليوم الذي سجل فيه التاريخ بطولات أبناء مصر، مشيرًا إلى أن ذكرى العاشر من رمضان ستظل محفورة في وجدان الأمة، لما حملته من معاني الفداء والتضحية.

وقال فضيلته: “لا يمكن أن ننسى ذلك اليوم الذي وقف فيه فضيلة الإمام الأكبر عبد الحليم محمود، رحمه الله، ليبشر الرئيس الراحل محمد أنور السادات برؤيا رآها، قائلاً له: ‘رأيت رسول الله ﷺ يعبر القناة، ووراءه العلماء والجيش المصري، فَسر يا سيادة الرئيس، فإنك منصور بإذن الله’، ليكون ذلك تأكيدًا على أن النصر من عند الله، وأن الإيمان كان السلاح الأقوى في تلك المعركة العظيمة”.

وأضاف: “مصر هي كنانة الله في أرضه، وهي رمز القوة والعزة في العالم الإسلامي. لقد عانينا مرارة الانكسار في عام 1967، لكننا عدنا لنحقق النصر العظيم في 1973، وهو نصر لم يكن وليد لحظة، بل جاء بعد سنوات من العمل الدؤوب، والإعداد النفسي والبدني، الذي شارك فيه علماء الأزهر بتوعية الجنود وحثهم على الصبر والثبات”.

العاشر من رمضان.. معركة الإيمان والعقيدة

تحدث فضيلة الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، عن الدور المحوري الذي لعبه الأزهر الشريف في دعم الجيش المصري خلال الحرب، مشيرًا إلى أن الأزهر لم يكن مجرد مؤسسة علمية، بل كان حاضنًا للروح الوطنية، ومسهمًا في تعبئة المجتمع للوقوف خلف الجيش.

وأكد فضيلته أن الجيش المصري استطاع خلال ست سنوات فقط من هزيمة 1967 إعادة بناء قوته، رغم المعوقات الاقتصادية والسياسية، وهو ما جعله يحقق النصر المدوي في 1973، ويُسقط أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”، التي روج لها الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف: “لقد قال قادة العدو إن خط بارليف لا يمكن اختراقه إلا بقنبلة نووية، لكن عباقرة الجيش المصري أثبتوا أن الإرادة والعلم يمكن أن يهزما المستحيل، فاستخدموا مدافع المياه، وسقط خط بارليف في ساعات، ليُحفر هذا الإنجاز في صفحات التاريخ”.

وأشار إلى أن الأزهر كان سبّاقًا في دعم الجبهة، موضحًا أن الشيخ حسن مأمون كان أول من دعا لاستخدام سلاح البترول في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما تحقق بعد حرب أكتوبر، حيث قطعت الدول العربية إمدادات النفط، مما شكل ضغطًا دوليًا على الاحتلال وحلفائه.

علماء الأزهر.. جنود في ميدان المعركة

أكد العلماء خلال الاحتفالية أن الأزهر لم يكتفِ بالدعاء للمجاهدين، بل كان جزءًا من المعركة، حيث زار علماؤه الجبهة لرفع معنويات الجنود، ومن بينهم الشيخ محمد الفحام، الذي أصر على التواجد بين الجنود رغم تقدمه في السن، والشيخ محمد متولي الشعراوي، الذي كان يقول: “أنا بالحرف، وأنتم بالسيف. أنا بالكتاب، وأنتم بالكتائب، أنا باللسان، وأنتم بالسنان”، مشددًا على أن الكلمة سلاح لا يقل أهمية عن الرصاصة.

رسالة للأجيال الجديدة: الجيش المصري أقوى من أي وقت مضى

في ختام كلمته، وجّه فضيلة الدكتور عباس شومان رسالة إلى شباب مصر، مؤكدًا أن مصر ما زالت تواجه تحديات كبرى، وأن الأعداء لم يتوقفوا عن محاولاتهم للنيل منها، لكن بفضل الله، ثم بفضل القيادة الحكيمة، والقوات المسلحة التي تعمل على التطوير المستمر، فإن الجيش المصري اليوم أقوى مما كان عليه في 1973، وأكثر استعدادًا لمواجهة التحديات.

وأكد أن مصر ستظل عصية على الانكسار، لأن جنودها يستمدون قوتهم من عقيدتهم وإيمانهم بعدالة قضيتهم، داعيًا الشباب إلى الاعتزاز بوطنهم، والعمل على رفعته، لأن الحفاظ على الأوطان لا يقل أهمية عن تحريرها.

الابتهالات تختتم الاحتفالية بأجواء روحانية

اختتمت الاحتفالية بأداء المبتهل حسام الأجاوي مجموعة من الابتهالات الدينية، التي حملت في معانيها الدعاء لمصر بالأمن والأمان، وطلب النصر والرفعة للأمة الإسلامية.

هكذا انتهت احتفالية الأزهر بذكرى العاشر من رمضان، لتظل هذه الذكرى درسًا خالدًا في التضحية والعزيمة، ورسالة تتجدد لكل جيل بأن النصر يأتي لمن يثبت على الحق، ويؤمن بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights