عرب-وعالم

تغريدة ترامب الجنونية.. تهديد مباشر أم مناورة تفاوضية؟

في خطوة تصعيدية غير مسبوقة، نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تغريدة حادة على منصته “تروث سوشيال”، هدد فيها حركة المقاومة الفلسطنية حماس وسكان غزة بشكل مباشر، مطالبًا بالإفراج الفوري عن جميع الرهائن وتسليم جثث القتلى، محذرًا من أن “الأمر انتهى بالنسبة لهم” إذا لم يمتثلوا لمطالبه.

التغريدة أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية، حيث وصفت بـ”الجنونية”، بينما يرى محللون أنها مناورة تفاوضية تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية على الأرض.

May be an image of text

شالوم حماس

الكاتب الصحفي عبد الرحمن يوسف، المتخصص في الشؤون الأمريكية، يرى أن التغريدة ليست مجرد انفعال لحظي من ترامب، بل تأتي في سياق أوسع مرتبط بالمفاوضات السرية التي تجري بين الإدارة الأمريكية وحركة حماس عبر الوسيط القطري.

ويشير إلى أن هذه التغريدة جاءت كرد فعل مباشر على التسريبات التي كشفها موقع “أكسيوس” حول لقاءات غير معلنة بين آدم بوهلر، مبعوث ترامب، وقيادات من حماس في الدوحة، وهو ما أثار استياءً شديدًا لدى الجانب الإسرائيلي.

اقرأ أيضًا:: واشنطن تتحدث إلى حماس؟.. البيت الأبيض يتهرب من النفي

ويقول يوسف، المقيم في واشنطن، في تصريحات خاصة لـ”اليوم”: “ترامب بهذه التغريدة يحاول إرضاء نتنياهو بعد تسريب أخبار عن محادثات مباشرة بين واشنطن وحماس، وهو أمر يثير القلق لدى إسرائيل التي لم تكن على علم بهذه الاتصالات، وترامب يوجه رسالة مزدوجة: الأولى لحماس بأن عليهما تقديم تنازلات، والثانية لإسرائيل بأنه لا يزال الحليف الأقوى لها، رغم المفاوضات السرية.”

هل هي حقيقية أم مناورة؟

بحسب يوسف، فإن ترامب، على الرغم من لهجته الشديدة، لا يريد تصعيدًا ميدانيًا في غزة حاليًا، بل يستخدم هذه التهديدات كأداة ضغط لتعزيز موقف واشنطن في المفاوضات الجارية.

ويضيف:”ترامب يتعامل مع حماس كما يتعامل مع أي ملف تفاوضي آخر، عبر سياسة الترهيب والترغيب، هو يهددهم بالإبادة لكنه في الوقت نفسه يسمح بمفاوضات غير معلنة عبر قطر، ويضغط على الوسطاء المصريين والقطريين لإقناع حماس بالإفراج عن المزيد من الأسرى دون التطرق إلى المرحلة الثانية من التفاوض، التي تشمل انسحابًا محتملاً من محور صلاح الدين.”

كما يرى الكاتب أن التغريدة تحمل أيضًا رسالة ضمنية إلى الوسطاء العرب، خصوصًا مصر وقطر، بأن عليهم استخدام نفوذهم لدفع حماس إلى تقديم تنازلات سريعة، قبل أن تتحول هذه التهديدات إلى خطوات عسكرية فعلية.

نتنياهو في الحسابات الترامبية.. دعم مشروط أم تحذير مبطن؟

يعتقد يوسف أن العلاقة بين ترامب ونتنياهو معقدة أكثر مما تبدو عليه، فرغم دعم ترامب المستمر لإسرائيل، إلا أنه لا يريد أن يمنح نتنياهو حرية كاملة في التصرف كما كان يحدث في عهد بايدن.

ويوضح: “ترامب ليس بايدن، ولن يسمح لنتنياهو بأن يفرض عليه أجندته الخاصة، هو يمنحه الدعم، لكنه يبقيه تحت السيطرة، حتى لا ينفجر الوضع بطريقة غير محسوبة، هذه التغريدة هي رسالة مزدوجة، فيها تهديد لحماس، لكن أيضًا تحذير مبطن لإسرائيل بعدم تجاوز الخطوط الحمراء.”

محاولة لكسر الحاضنة الشعبية لحماس

يضيف الكاتب أن ترامب يحاول عبر خطابه المباشر لسكان غزة أن يخلق انقسامًا بين المقاومة وحاضنتها الشعبية، وهي استراتيجية ليست جديدة في السياسة الأمريكية، لكنه يرى أن أثرها سيكون محدودًا. ويقول: “هذه الرسالة موجهة إلى سكان غزة أكثر من كونها تهديدًا عسكريًا لحماس، وترامب يريد أن يقنع الناس هناك بأن استمرار دعمهم للمقاومة سيجلب لهم الدمار، لكن الواقع يقول إن مثل هذه الرسائل لا تؤثر في مجتمعات عاشت تحت الحصار والقصف لسنوات.”

الهدف النهائي للتغريدة

يرى يوسف أن هذه التغريدة ليست مجرد تهديد عشوائي، بل تمثل جزءًا من استراتيجية ترامب في التعامل مع الصراع، والتي تقوم على المزاوجة بين التهديد العسكري والضغط السياسي والتفاوض السري.

ويختم بالقول: “ترامب يريد تحقيق مكاسب تفاوضية بأقل تكلفة عسكرية ممكنة، وهذه التغريدة قد تبدو جنونية، لكنها في الواقع محسوبة بدقة، وتستهدف تحقيق أهداف سياسية على المدى القريب قبل أي شيء آخر.”

وفي ظل المشهد الحالي، تبقى تغريدة ترامب مفتوحة على عدة احتمالات، فقد تكون مقدمة لتصعيد عسكري إذا لم تحقق المفاوضات أهدافها، أو مجرد ورقة ضغط جديدة لانتزاع تنازلات من حماس والوسطاء.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights