الرئيسيةعرب-وعالم

ماذا قالت “لجنة الصليب الأحمر” عن القتل الجماعي في الفاشر؟

تقرير: سمر صفي الدين

أعلنت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش أن التاريخ يعيد نفسه في دارفور، بعد تقارير مؤكدة عن عمليات قتل جماعي أعقبت سقوط مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع الأسبوع الماضي. ما أثار تحذيرات دولية من تكرار مشاهد الإبادة الجماعية التي شهدها الإقليم قبل عقدين.

وأكدت سبولياريتش في تصريحات إعلامية أن الوضع في السودان “مروع”، موضحة أن عشرات الآلاف فروا من الفاشر بينما لا يزال عشرات الآلاف الآخرون عالقين داخل المدينة دون طعام أو ماء أو رعاية طبية، وسط انهيار شبه تام للبنية الإنسانية.

كما تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن مئات المدنيين والعناصر غير المسلحة ربما قتلوا خلال الهجوم الأخير. فيما تحدث شهود عن فصل الرجال عن النساء قبل إطلاق النار عليهم، بينما نفت قوات الدعم السريع استهداف المدنيين.

كارثة إنسانية متصاعدة

في هذا السياق، تكشف تصريحات سبولياريتش عن مأساة متكررة. إذ أكدت أن “التاريخ يعيد نفسه ويزداد سوءًا كلما سيطر طرف جديد على منطقة ما”، في إشارة إلى نمط متواصل من الانتهاكات العرقية في دارفور منذ 2003.

ويستعيد المشهد الحالي جذور الصراع حين أطلقت الحكومة السودانية السابقة حملة ضد متمردين في دارفور. ما أدى إلى مقتل مئات الآلاف واتهامات واسعة بالإبادة الجماعية. في وقت تعد فيه قوات الدعم السريع الامتداد المباشر لميليشيا الجنجويد المتهمة بارتكاب تلك الجرائم.

وتؤكد اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن تقاريرًا وردت من بلدة طويلة المجاورة تشير إلى أن الفارين من الفاشر “كانوا يتساقطون من الإرهاق أو يموتون متأثرين بجروحهم”. واصفة الوضع بأنه “يتجاوز كل ما يمكن اعتباره مقبولًا إنسانيًا”.

اتهامات دولية وتحقيقات قضائية

تشير واشنطن ومنظمات حقوقية إلى أن قوات الدعم السريع ارتكبت أعمال إبادة جماعية في مدينة الجنينة خلال مراحل سابقة من الحرب المستمرة منذ عامين ونصف. وهي اتهامات تنفيها القوات بشدة لكنها تجد صدى متزايدًا في تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية.

وفي السياق، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية عن فتح تحقيق عاجل في الجرائم المزعومة بمدينة الفاشر، مؤكدة اتخاذ “خطوات عاجلة لجمع الأدلة ذات الصلة للاستخدام في الملاحقات القضائية المقبلة”. مشيرة إلى أن أعمال العنف تحمل سمات الإبادة الجماعية القديمة نفسها.

وتجدر الإشارة إلى أن المحكمة، ومقرها لاهاي، سبق أن أدانت الشهر الماضي أول زعيم لميليشيا الجنجويد بتهم ارتكاب فظائع في دارفور قبل عشرين عامًا. وهو تطور أعاد ملف السودان إلى واجهة العدالة الدولية مجددًا.

نفوذ خارجي وتصعيد ميداني

وفي سياق متصل، تؤكد سبولياريتش أن الدول التي تملك نفوذًا على أطراف الصراع تتحمل مسؤولية أخلاقية لوقف الانتهاكات وحماية المدنيين. في وقت تتهم فيه تقارير دولية الإمارات بتقديم دعم عسكري كبير لقوات الدعم السريع، وهو ما تنفيه أبوظبي بشكل متكرر.

في المقابل، تحصل الحكومة المنافسة في بورتسودان على دعم من جهات عدة أبرزها مصر. وقد نشرت طائرات مسيرة إيرانية الصنع في محاولة لقلب موازين الصراع العام الماضي. ما يكرّس الطابع الإقليمي للحرب الدائرة.

وتؤكد المنظمة الدولية للهجرة أن أكثر من سبعين ألف شخص فروا من الفاشر منذ 26 أكتوبر. بينما يعتقد أن نحو مئتي ألف آخرين ما زالوا محاصرين داخل المدينة. في ظل حصار استمر أكثر من 18 شهرًا وانعدام شبه كامل للمساعدات الإنسانية.

حرب لا تعرف حدودًا

تشير سبولياريتش إلى أن العالم يعيش “عقدًا من الحروب”. موضحة أن عدد النزاعات المسلحة تضاعف خلال الخمس عشرة سنة الماضية ليصل إلى 130 صراعًا، تغذيها الطفرة في التكنولوجيا العسكرية خصوصًا الطائرات المسيرة التي “تخلق بيئة ليس فيها مكان آمن”.

ويؤكد شهود من الفاشر أن الهجمات الجوية والقصف المكثف دفعا السكان إلى الاحتماء في الملاجئ والمساجد والمستشفيات، قبل أن تتحول تلك المواقع نفسها إلى أهداف. ما جعل المدينة رمزًا لانهيار مفهوم الحماية الإنسانية في النزاعات الحديثة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights