الرئيسيةعرب-وعالم

أول 100 يوم لترامب.. رئاسة استئناف أم رئاسة انتقام؟

تأتي أول 100 يوم من ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثانية في وقت يشهد فيه العالم تحولات جذرية على كافة الأصعدة، من الاقتصاد إلى السياسة الخارجية، وصولًا إلى التحولات الداخلية في الولايات المتحدة.

وخلال هذه الفترة، حافظ ترامب على أسلوبه المثير للجدل الذي تميزت به فترة ولايته الأولى، مع مزيد من التركيز على تكريس هيمنته على القضايا الداخلية والخارجية.

ومن خلال سياساته التي تتراوح بين القوة المفرطة في الداخل والتعامل الحاد مع الحلفاء والمنافسين في الخارج، سعى ترامب إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي والاجتماعي في أمريكا بشكل يتماشى مع رؤيته لـ “أمريكا العظمى”.

الصحة العامة: تكاليف أعلى.. رعاية أقل

شهد قطاع الصحة العامة تحولًا كبيرًا منذ بداية ولاية ترامب الثانية، حيث استمر في محاولة تقليص دور الحكومة الفيدرالية في تقديم الرعاية الصحية.

فقد كشف ترامب عن خطط لتعزيز سياسة “التأمين الصحي الخاص” التي تهدف إلى تقليل النفقات الحكومية على برامج مثل “أوباماكير”.

في حديثه عن التغييرات في الرعاية الصحية، قال ترامب: “سنقوم بتخفيض تكاليف الرعاية الصحية، وسنعيدها إلى مستوى لا يرهق العائلات الأمريكية”.

لكن هذه السياسات أثارت العديد من الانتقادات، حيث يرى الخبراء أن تقليص الحكومة في هذا المجال قد يعرض الفئات الضعيفة في المجتمع لمخاطر صحية إضافية.

 الطاقة والبيئة: الهيمنة لا المناخ

في مجال الطاقة والبيئة، استمر ترامب في تنفيذ سياسات تهدف إلى تعزيز صناعة النفط والفحم على حساب الطاقة المتجددة. من خلال تقليص اللوائح البيئية، مثل إلغاء قوانين الحد من انبعاثات الكربون، يسعى ترامب إلى تحفيز نمو القطاع الصناعي الأمريكي.

وفي تصريح له خلال أول 100 يوم، قال ترامب: “نحن بحاجة إلى الطاقة بأسعار معقولة، وسنعمل على ضمان أن تبقى أمريكا رائدة في إنتاج النفط والغاز”.

لكن هذه السياسات لم تخلُ من الانتقادات من قبل البيئة والمنظمات الحقوقية، التي ترى أن هذه التحولات قد تساهم في تفاقم التغير المناخي.

وصرح مارتن غرين، المدير التنفيذي لمنظمة “البيئة أولًا”: “إن هذه السياسات تقوّض التقدم الذي حققته الولايات المتحدة في حماية البيئة، وقد تؤدي إلى تداعيات كارثية على المدى الطويل”.

 الثقافة: الانقسام والتصعيد

على الصعيد الثقافي، استمر ترامب في مهاجمة المشهد الإعلامي والثقافي الأمريكي الذي اعتبره معاديًا له.

ففي خطابه الأول بعد توليه المنصب مجددًا، انتقد ترامب الإعلام بشكل لاذع، قائلاً: “إن الإعلام ليس مجرد جزء من المشكلة، بل هو المشكلة الأكبر”.

كما استمر في تعزيز دعمه للتيارات الشعبوية في الداخل الأمريكي، متحدثًا عن ضرورة “استعادة الثقافة الأمريكية” وتوجيهها بعيدًا عن التأثيرات الأجنبية.

من جانب آخر، استمرت القضايا الثقافية في الولايات المتحدة في إثارة الجدل، خاصة فيما يتعلق بحقوق الأقليات والمساواة بين الجنسين.

 الإعلام: معركة الكلمة

لقد كانت العلاقة بين ترامب والإعلام طوال فترتي رئاسته مضطربة.

وفي أول 100 يوم من ولايته الثانية، انتقد ترامب وسائل الإعلام التقليدية بشكل متزايد، واتهمها بنشر “أخبار كاذبة” و”تشويه الحقيقة”. وأشار في حديثه إلى أن الإعلام لا يقدم تغطية عادلة لقراراته، بل يركز على جوانب سلبية.

السياسة الخارجية: “أمريكا أولاً”

على الصعيد الخارجي، فقد استمر ترامب في اتباع نهج “أميركا أولاً“، وهو ما انعكس في موقفه من العديد من القضايا الدولية.

وفي أول 100 يوم، تصدرت العلاقة مع الصين أولويات السياسة الخارجية الأمريكية، حيث فرض ترامب رسومًا جمركية جديدة على الواردات الصينية، مهددًا بتصعيد الحرب التجارية.

إضافة إلى ذلك، شهدت العلاقات الأمريكية مع حلفائها التقليديين، مثل الاتحاد الأوروبي واليابان، توترات متزايدة، في ظل سياسة ترامب التي تستهدف إعادة تقييم هذه التحالفات.

 الحكم والمؤسسات: تفكيك البيروقراطية

شهدت فترة الـ100 يوم أيضًا تغييرات هيكلية كبيرة في الحكومة الفيدرالية، حيث تم تنفيذ العديد من القرارات التي تهدف إلى تقليص حجم الحكومة.

كما كلّف ترامب وزير خارجيته ماركو روبيو بإجراء تخفيضات حادة في وزارة الخارجية، مغلقًا فعليًا الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

وانسحبت الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية، وكثّفت إجراءاتها ضد المحكمة الجنائية الدولية.

 الجيش: بناء القوة، تزايد التدخلات

من الناحية العسكرية، استمر ترامب في تعزيز قوة الجيش الأمريكي وتوسيع نطاق التدخلات العسكرية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط.

في أول 100 يوم، أمر الرئيس بزيادة النفقات العسكرية، كما أرسل قوات إضافية إلى مناطق الصراع. وفي تصريحات له خلال الفترة الأولى من ولايته الثانية، قال ترامب: “نحن بحاجة إلى جيش أقوى وأكثر استعدادًا لحماية مصالحنا حول العالم”.

وتستمر إدارة ترامب في فرض تغييرات جذرية على كل من السياسة الداخلية والخارجية.

وفي حين أن بعض هذه السياسات لاقت ترحيبًا من مؤيديه، فإنها في المقابل قوبلت بانتقادات حادة من المعارضين.

ومع مرور 100 يوم على توليه الولاية الثانية، يبدو أن ترامب ماضٍ في طريقه لتطبيق رؤيته التي تستهدف إعادة تشكيل أمريكا لتصبح أكثر قوة، لكن هذا يتطلب أيضًا تحديات داخلية وخارجية قد تكون لها تداعيات بعيدة المدى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights