الدعوة عبر الأفعال: أساس التأثير في المجتمع

أكد الدكتور أيمن أبو عمر، وكيل وزارة الأوقاف المصرية لشئون الدعوة، على أن الأفعال والسلوكيات تشكل جزءًا أساسيًا من الدعوة إلى الله، أكثر من الأقوال.
وأوضح أن الدعوة الفعّالة لا تعتمد فقط على ما نقوله، بل على تطبيق المبادئ التي نروج لها في حياتنا اليومية.
وفي حديثه خلال حلقة برنامج “منبر الجمعة”، الذي يُعرض على قناة “الناس”، شدد أبو عمر على أن الأفعال تمثل العنصر الأكثر تأثيرًا في الدعوة مقارنة بالكلمات.
وقال: “قد تدعو الناس إلى قيم ومبادئ عظيمة، ولكن إذا لم يروا ذلك في أفعالك وسلوكك، فإن كلامك لن يكون له أي تأثير”.
وأشار إلى أن تأثير الدعوة يتضاءل عندما يكون هناك تناقض بين ما يُقال وما يُفعل.
التأكيد على أهمية التكامل بين القول والعمل في الإسلام
استشهد أبو عمر بآية قرآنية تدل على أهمية تطابق الأقوال مع الأفعال في الإسلام، حيث قال الله تعالى في سورة الصف: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ؟ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ” (الصف: 2-3). وأوضح أبو عمر أن هذه الآية تركز على ضرورة أن يكون المسلم قدوة عملية في ما ينصح به الآخرين، من خلال العمل بتعاليم الدين.
أضاف أبو عمر أن القرآن الكريم يعلّم المسلمين أن القول وحده لا يكفي إذا لم يتبعه سلوك عملي. وأكد على أن الشخص الذي يوجه النصائح للآخرين عليه أن يلتزم بتطبيق تلك النصائح في حياته الشخصية، فذلك هو الطريق الوحيد ليكون لكلامه تأثير حقيقي.
ابن عباس: مراجعة الذات أولًا قبل الدعوة للآخرين
أشار أبو عمر إلى أن الصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنه كان يوجه دائمًا كل من يرغب في الدعوة إلى الله إلى مراجعة نفسه أولًا قبل أن يبدأ في دعوة الآخرين.
وذكر أبو عمر أن ابن عباس كان ينصح من يريد الدعوة إلى الله أن يتأمل في ثلاث آيات قرآنية، وذلك لتقييم نفسه وموقفه من الدعوة. الآيات التي ذكرها هي:
1. “أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ؟” (البقرة: 44).
2. “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ؟” (الصف: 2).
3. “وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ” (هود: 88).
وقال أبو عمر إن هذه الآيات تدعو إلى أن يتأكد الشخص من تطابق أقواله مع أفعاله، وأن يظل دائمًا صادقًا مع نفسه في ما يعلنه للآخرين.
الداعية قدوة قبل أن يكون واعظًا
أكد أبو عمر أن الشخص الذي يسعى لأن يكون داعية يجب أن يكون قدوة عملية لغيره، إذ لا يمكن للناس أن يثقوا في نصائح من يتناقض سلوكه مع أقواله.
وشدد على أنه إذا لاحظ الناس أن هناك فجوة بين ما يقوله الداعية وما يفعله، فإن ذلك سيفقده مصداقيته ويؤدي إلى تراجع تأثير دعوته.
وأردف قائلاً: “علينا أن نكون قدوة حقيقية في أفعالنا قبل أن ندعو الآخرين. فالدعوة إلى الله لا تتحقق بالكلام فقط، بل بتطبيق ما نعلمه وننصح به في حياتنا اليومية”.
وبذلك، حث أبو عمر على ضرورة أن يلتزم الداعية بكل ما يدعو إليه، لأن الأفعال هي التي تعكس صدق الدعوة وتؤثر في الآخرين بشكل أكبر من الأقوال فقط.



