ذكرى ميلاد الشيخ أحمد الطيب.. قائد الأزهر ورمز الوسطية الإسلامية

في 6 يناير 1946، وُلد في قرية القرنة بمحافظة الأقصر، الشيخ أحمد الطيب، الذي أصبح لاحقًا أحد أبرز قادة الفكر والدين في العالم الإسلامي يُعد الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، الذي جسد قيم الإسلام الوسطي، وكرّس حياته لنشر المعرفة الدينية الصحيحة، وتوجيه الأمة الإسلامية نحو التعايش السلمي بين الأديان.
تعد ذكرى ميلاده مناسبة للاحتفاء بمسيرته الحافلة بالإنجازات الفكرية والعلمية، ودوره البارز في تعزيز قيم الحوار والسلام فقد عمل الشيخ أحمد الطيب على تجديد الخطاب الديني، وتحقيق إصلاحات أكاديمية في الأزهر، بما يعكس حرصه على مواجهة التطرف الفكري، وتقديم الإسلام بصورة تتسم بالتسامح والاعتدال.
النشأة والجذور العائلية (1946)
وُلد الشيخ أحمد محمد الطيب يوم 6 يناير 1946 في قرية القرنة بمحافظة الأقصر، جنوب مصر، في أسرة عُرفت بالتدين والعلم. ينتمي إلى عائلة الطيب ذات الجذور الهاشمية، والتي يرجع نسبها إلى الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب نشأ في بيئة صعيدية محافظة، وكان والده شخصية دينية بارزة، ما ساهم في تنشئته على حب العلم والدين.
البداية مع القرآن الكريم
بدأ الشيخ أحمد الطيب حياته بحفظ القرآن الكريم في كتاب القرية، وهو التقليد الذي حافظ عليه معظم علماء الأزهر. أكمل حفظ القرآن في سن مبكرة، ما شكّل أساسًا قويًا في تكوينه العلمي والديني، وزرع فيه حب التعلم.
التعليم الأزهري والمسيرة الأكاديمية
تلق الشيخ أحمد الطيب تعليمه الأساسي والثانوي في المعاهد الأزهرية، حيث أظهر نبوغًا مبكرًا في العلوم الشرعية واللغة العربية. برع في الفقه والعقيدة، ما أهّله للالتحاق بجامعة الأزهر في القاهرة.
الالتحاق بجامعة الأزهر (1969)
التحق بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر، حيث تخصص في قسم العقيدة والفلسفة حصل على درجة الليسانس في العقيدة والفلسفة عام 1969 بتقدير ممتاز، وهو ما فتح له أبواب الدراسات العليا.
دراسات عليا وبحوث معمقة (1971-1977)
واصل الشيخ أحمد الطيب دراساته العليا ليحصل على درجة الماجستير عام 1971 في العقيدة والفلسفة ثم نال درجة الدكتوراه عام 1977 من جامعة الأزهر بتقدير امتياز، حيث تميزت أطروحته بالعمق الفكري والتركيز على الفلسفة الإسلامية ومقارنتها بالفكر الغربي.
المسيرة العلمية والتدريس الجامعي
بدأ الشيخ أحمد الطيب مسيرته العملية كأستاذ مساعد، ثم أستاذ في قسم العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين عمل في عدة مواقع داخل جامعة الأزهر، حيث شغل مناصب أكاديمية مثل عمادة كلية الدراسات الإسلامية والعربية في قنا، ثم كلية أصول الدين بأسيوط، ثم القاهرة.
التدريس الدولي في فرنسا
من أبرز محطاته الأكاديمية عمله أستاذًا زائرًا في جامعة باريس بفرنسا، حيث درس الفكر الإسلامي والفلسفة الإسلامية أضافت هذه التجربة بُعدًا عالميًا لفكره ومنهجه، ومكّنته من التفاعل مع الثقافات الغربية، مما صقل رؤيته الوسطية للإسلام.
رئاسة جامعة الأزهر (2003-2010)
في عام 2003، عُين الشيخ أحمد الطيب رئيسًا لجامعة الأزهر. خلال فترة رئاسته، أطلق عددًا من الإصلاحات التي ركزت على تحديث المناهج الدراسية في جميع كليات الجامعة، مع الحفاظ على هوية الأزهر كمنارة للإسلام الوسطي.
التركيز على التعليم العصري
عمل على تطوير التعليم الأزهري ليتماشى مع متطلبات العصر. أدخل التكنولوجيا في العملية التعليمية، ورفع كفاءة أعضاء هيئة التدريس، كما أنشأ برامج دولية لاستقطاب طلاب من مختلف أنحاء العالم.
توليه مشيخة الأزهر الشريف (2010)
في مارس 2010، اختير الشيخ أحمد الطيب شيخًا للأزهر الشريف. جاء تعيينه في وقت كان الأزهر يواجه تحديات كبيرة تتعلق بالتطرف والغلو الديني منذ توليه المنصب، قاد الإمام الأكبر الأزهر نحو استعادة دوره العالمي في نشر الإسلام الوسطي.
تصحيح المفاهيم ومواجهة التطرف
أطلق مبادرات داخل مصر وخارجها لمواجهة الأفكار المتطرفة وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام كان من أبرز جهوده إطلاق قوافل دعوية محلية ودولية، تهدف إلى نشر خطاب ديني وسطي يعزز التعايش والسلام.
الحوار بين الأديان والثقافات
في عام 2019، وقع الإمام الأكبر وثيقة الأخوة الإنسانية مع البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، في أبوظبي. تُعد الوثيقة أبرز إنجازاته في تعزيز الحوار بين الأديان، حيث أكدت على قيم التعايش والتسامح بين مختلف الشعوب والثقافات.
مبادرات الحوار العالمي
قاد العديد من المؤتمرات والندوات الدولية لتعزيز الحوار بين الأديان. من أبرزها مؤتمر الأزهر للسلام، الذي جمع قيادات دينية من مختلف الأديان والثقافات للعمل على نشر السلام ومواجهة الكراهية.
مواجهة الإسلاموفوبيا ودعم قضايا المسلمين
قاد الإمام الأكبر جهودًا لتصحيح صورة الإسلام في العالم الغربي، خاصة مع تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا أرسل بعثات دعوية وتعليمية إلى أوروبا وأمريكا لتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام كدين يدعو إلى السلام.
دعم قضايا المسلمين عالميًا
كان للإمام الأكبر دور بارز في دعم قضايا المسلمين حول العالم، بما في ذلك الدفاع عن القضية الفلسطينية، والدعوة لحماية مسلمي الروهينجا والإيغور، وتقديم الدعم للمجتمعات الإسلامية في إفريقيا وآسيا
تطوير التعليم الأزهري وتحديث الخطاب الديني
عمل على مراجعة المناهج الأزهرية بشكل دوري لتواكب تحديات العصر. ركز على تضمين قضايا فكرية حديثة في المناهج مثل الحوار بين الأديان، حقوق الإنسان، وقضايا البيئة.
تدريب الدعاة والشباب
أطلق برامج تدريبية للشباب والدعاة بهدف تأهيلهم لمواجهة التحديات الفكرية المعاصرة. وشدد على أهمية استخدام التكنولوجيا ووسائل الإعلام الحديثة في الدعوة ونشر الإسلام الوسطي.
جوائز وتكريمات
حصل الإمام الأكبر على العديد من الجوائز والتكريمات من دول ومؤسسات عالمية تقديرًا لجهوده في نشر الإسلام الوسطي وتعزيز الحوار بين الأديان.
شخصية عالمية مؤثرة
اختير من بين أبرز الشخصيات الإسلامية المؤثرة عالميًا لسنوات متتالية، وفقًا لتقارير دولية، نظرًا لدوره البارز في نشر قيم السلام والوسطية
شيخ الأزهر.. رمز الوسطية العالمية
منذ نشأته في صعيد مصر، مرورًا بمسيرته العلمية والأكاديمية، وصولًا إلى قيادة الأزهر الشريف، مثل الإمام الأكبر أحمد الطيب نموذجًا فريدًا للقيادة الدينية المستنيرة. بفضل جهوده، استعاد الأزهر مكانته كمنارة للإسلام الوسطي، ورمزًا عالميًا للحوار والسلام.