التأخر المزمن عن المواعيد.. هل السبب هو “عمى الوقت”؟

هدى بسيوني
كثيرًا ما نقابل في حياتنا أشخاص اعتادوا على التأخر عن مواعيدهم، ويظن البعض منا أن ذلك يُفسر على أنه نتيجة للكسل أو قلة المسؤولية، ولكن المتخصصين يشيرون إلى أن السبب قد يكون حالة تُعرف بـ”عمى الوقت”، وهي اضطراب يؤثر على إدراك الشخص للوقت بشكل دقيق.
وعلى الرغم من أن البعض يظن أن “عمى الوقت” مجرد ضعف في الإحساس بالزمن، إلا أن المشكلة أعمق من ذلك، حيث تعيق هذه الحالة قدرة الفرد على تقدير المدة التي تحتاجها المهام اليومية، مما ينعكس سلبًا على الروتين اليومي وكفاءة الإنتاج على المدى البعيد.
ويوضح الخبراء أن هناك عدة سلوكيات تعكس الإصابة بـ “عمى الوقت”، مثل تفويت المواعيد النهائية، أو الصعوبة في الانتقال من مهمة لأخرى، أو التقليل من الوقت اللازم لإتمام الأنشطة، مما يؤدي إلى مشاعر الضغط والتوتر.
وفقًا لتصريحات الدكتور موران سيفانانثان، طبيب نفسي في مستشفى هنري فورد في ديترويت، لشبكة “فوكس نيوز”، أن السمة الأساسية لهذه الحالة هي صعوبة تقدير الفواصل الزمنية، وهو ما يعيق تخطيط اليوم بشكل فعال.
وتؤكد المحللة السلوكية المعتمدة لوري سينغر من كاليفورنيا أن الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة يواجهون صعوبة في إدراك مقدار الوقت الذي مضى أو المتبقي أثناء تنفيذ مهمة معينة، وهو ما قد يؤدي إلى سوء التقدير والتأخير الدائم.
أسباب “عمى الوقت”
يفسر الدكتور “سيفانانثان” ظاهرة “عمى الوقت” بأنها نتيجة إصابة الوظائف التنفيذية بالدماغ بخلل يؤثر على مهارات أساسية تشمل الذاكرة العاملة، والمرونة في التفكير، وضبط السلوك، وهي المهارات المتحكمة في قدرة الإنسان على التخطيط وحل المشكلات والتأقلم مع التغيرات.
وهناك علاقة وطيدة بين “عمى الوقت” واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)، فقد نوهت الأبحاث إلى تأثير هذا الاضطراب على مناطق متعددة في الدماغ، مثل الفص الجبهي والمخيخ، وكلاهما يلعب دورًا في معالجة الوقت.
كيف يمكن التعايش مع “عمى الوقت”؟
يرى “سيفانانثان” أن علاج هذه الحالة يتم بشكل تدريجي، فلا بد أولًا من التقليل من عوامل التأخير، والبدء بالمهام فورًا عند الحاجة، مع استخدام أدوات مساعدة خارجية مثل المؤقتات أو التطبيقات التي تتابع الوقت المُستغرق في المهام.
ويوضح “سيفانانثان” أنه من الضروري تقسيم المهام الكبيرة إلى خطوات صغيرة يسهل تنفيذها، ووضع روتين يومي يُسهم في تدريب الدماغ وتقليل الضغط المعرفي، ومن خلال الاعتماد على الأدوات البصرية، والعلاج السلوكي المنتظم، واتباع نمط حياة منظم يمكن التخفيف من آثار هذه الحالة بشكل ملحوظ.