الرئيسيةتقارير-و-تحقيقاتعرب-وعالم

المقترح المصري يرسم هدنة غزة.. وحماس تدفع الكرة إلى ملعب نتنياهو

تقرير: سمر صفي الدين

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، اليوم الثلاثاء، إن رد حركة حماس على المقترح المطروح لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى جاء “إيجابياً ويكاد يتطابق مع ما كانت قد وافقت عليه إسرائيل سابقاً”.

وأضاف الأنصاري، خلال إحاطته الصحافية الأسبوعية في الدوحة، أن بلاده بانتظار الرد الإسرائيلي الرسمي على هذه الموافقة. مؤكداً أن “المقترح يمثل أفضل الخيارات المتاحة ويشمل إدخالاً مكثفاً للمساعدات الإنسانية وانسحاباً تدريجياً لقوات الاحتلال”.

وأوضح الأنصاري أن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أجرى مشاورات مباشرة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مشيراً إلى أن هذه المرحلة “لحظة فارقة”، حيث إن الفشل في التوصل إلى اتفاق “سينتج عنه كارثة إنسانية أكثر خطورة في غزة”.

الهدنة وفق رؤية حماس

في موازاة ذلك، كشف أيمن شناعة، عضو القيادة السياسية لحركة حماس في بيروت، عن أبرز ملامح المقترح الذي وافقت عليه الحركة.

وأوضح أن التعديلات تتعلق بعمق الانسحابات الإسرائيلية، بحيث تتم داخل الأحياء السكنية بحدود 800 متر، وتصل في المناطق الحدودية إلى نحو 1000 متر.

وأضاف أن الورقة لا تتطرق إلى نزع سلاح المقاومة “لأنه خط أحمر بالنسبة لحماس”، مشدداً على أن الحركة “لن تغادر القطاع” لكنها أبدت استعدادها للبحث في “إدارة مؤقتة” بعد انتهاء الحرب.

هدنة غزة

قراءة الفروق بين مقترح ويتكوف الأخير والمقترح المصري المعدل

يرى محمد خيال، الكاتب والباحث المتخصص في الشأن الإقليمي، إن قراءة الفروق بين مقترح ويتكوف الأخير والمقترح المصري المعدل تكشف عن ملامح تحول مهم في مسار التفاوض.

وأشار في تصريحات خاصة لـ”اليوم، إلى أن هذه التعديلات لم تكن شكلية أو ثانوية، بل عكست محاولة حقيقية لإيجاد مقاربة وسطية بين ما تطالب به حماس وما تتمسك به حكومة الاحتلال الإسرائيلي.

وأوضح أن أبرز هذه الفروق تمحورت حول ثلاثة ملفات أساسية:

  • خطوط الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة.
  • أعداد ونوعية الأسرى الفلسطينيين الذين سيجري الإفراج عنهم.
  • حجم المساعدات الإنسانية وآليات إدخالها.

وأكد خيال أن التعديل الأبرز كان في مسألة الانسحاب الإسرائيلي، إذ نص المقترح المصري على انسحاب الجيش بعمق 800 متر داخل المناطق السكنية المحاذية للحدود مع المستوطنات. بعدما كانت إسرائيل تصر على عمق 1500 متر بينما اقترحت حماس عمقا لا يتجاوز 600 متر.

وأضاف أن الورقة المصرية تضمنت كذلك انسحابا محدودا من محاور محددة مثل رفح. مع إبقاء القوات الإسرائيلية متمركزة في منطقة عازلة بعمق يصل إلى 1800 متر. وهو ما لم يتطرق إليه مقترح ويتكوف الأول. لكنه جاء كمحاولة للجمع بين الحد الأدنى من مطالب الاحتلال وتطلعات الفصائل.

ملف الأسرى

أشار الباحث إلى أن الملف الثاني، وهو ملف الأسرى، شهد تعديلا جوهريا لا يقل أهمية، إذ جرى تخفيض عدد الأسرى من أصحاب المحكوميات العالية والمؤبدات من 300 إلى 200. مقابل زيادة أعداد الأسرى الذين جرى اعتقالهم من غزة عقب العملية البرية من ألف إلى 1500، ليصبح الإجمالي 1700 أسير.

وبين أن هذه الزيادة اقترنت بما يمكن وصفه بـ”تبييض السجون” من الأطفال والنساء من أبناء غزة. الأمر الذي منح الاتفاق المعدل بعدا إنسانيا لم يكن موجودا في النسخة السابقة.

ولفت خيال إلى أن حماس تراجعت ضمنيا عن شرطها السابق المتمثل في إطلاق سراح عدد من أبرز عناصر كتائب القسام الذين تم أسرهم في السابع من أكتوبر. مؤكدا أن هذه المرونة عكست رغبة الحركة في إنجاح المسار التفاوضي ولو بشكل جزئي.

كما أضاف أن النقاش حول “رموز الأسرى” لا يزال مطروحا، حيث يبقى ملف أسماء مثل مروان البرغوثي وأحمد سعدات وعبد الله البرغوثي وحسن سلامة على الطاولة، وإن كان مصيرهم مرهونا برد إسرائيلي لم يتضح بعد.

وأشار في الوقت نفسه إلى أن تجارب سابقة أثبتت قدرة حماس على تجاوز “الفيتو الإسرائيلي” كما حدث مع عبد الناصر عيسى الذي جرى الإفراج عنه في صفقة سابقة ونُقل إلى تركيا.

ملف المساعدات

وأوضح خيال أن التعديل الثالث شمل ملف المساعدات، حيث نص المقترح المصري على إدخال 600 شاحنة يوميا عبر مختلف المعابر مع إسرائيل وليس فقط عبر معبر رفح. مع السماح بتوزيع مواد الإيواء والخيام في جميع مناطق القطاع. بدلا من قصرها على رفح كما كانت تشترط إسرائيل ضمن مخطط “مدينة الخيام” المرتبط بخطة التهجير.

وأضاف أن هذا البند جاء استجابة مباشرة لاعتراضات حماس والفصائل التي رأت في الشروط الإسرائيلية محاولة لفرض وقائع جديدة على الأرض تفتح الباب أمام تغيير ديمغرافي واسع.

لماذا وافقت حماس على مقترح مصر؟

وشدد الباحث على أن قرار الفصائل، وفي مقدمتها حماس، بالموافقة على المقترح المصري المعدل جاء من منطلق إنساني وسياسي في آن واحد. إذ رأت المقاومة أن استمرار القتال سيؤدي إلى خسائر فادحة، وأن القبول بصيغة وسطية أفضل من تحميلها مسئولية اجتياح كامل لمدينة غزة التي تضم ما يقرب من تسعمائة ألف مواطن.

وبين أن تأجيل حماس ردها النهائي ليوم واحد كان مرتبطا بوجود صعوبات في التنسيق بين المستويين السياسي والعسكري داخل الحركة، خاصة في ظل غياب الثقة بالضمانات الأمريكية والإسرائيلية بعد تجارب سابقة. أبرزها صفقة الجندي الأمريكي الإسرائيلي عيدان الكسندر التي لم تنفذ بنودها. بل أعقبها تصعيد عسكري إسرائيلي أفضى إلى اغتيال محمد السنوار إثر عملية اختراق أمني.

براعة إسرائيل في المراوغة

ورأى خيال أن المفاوضات مع إسرائيل تظل محفوفة بالمخاطر لغياب الضمانات الحقيقية. مؤكدا أن التجربة أثبتت أن إسرائيل بارعة في المراوغة وإطالة أمد التفاوض، مستشهدا بتاريخ طويل من التملص من التعهدات.

لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن الوسطاء المصريين بذلوا جهدا ملحوظا في تقريب المواقف. خاصة بفضل الدور الذي يقوده اللواء أحمد عبد الخالق وفريقه. والذين سعوا إلى صياغة مقترح لا يهدر ما قدمته حماس من تنازلات ولا يتجاهل ما تطالب به إسرائيل.

وأكد خيال على أن الورقة المصرية لم تتضمن أي إشارة إلى ملف سلاح المقاومة أو قياداتها. موضحا أن هذا الأمر جرى تأجيله إلى مرحلة لاحقة ضمن ما يسمى “اليوم التالي”.

وأبرز أن أفضل طرح قدم حتى الآن في هذا السياق جاء من القاهرة عبر فكرة “تجميد السلاح”. والتي تعني وقف أنشطة الأجنحة العسكرية من تسليح وتدريب مع بقاء السلاح نفسه تحت إشراف طرف ثالث غالبا ما سيكون مصر. في حين يتولى إدارة القطاع مجلس تكنوقراط مستقل يضمن استمرار الحياة المدنية دون صدام مع الاحتلال.

نتنياهو تحت ضغط داخلي

في المقابل، صعدت عائلات الأسرى الإسرائيليين ضغوطها على حكومة نتنياهو. إذ أكدت أنها “لن تسمح له بإفشال الصفقة مرة أخرى”، داعية الإسرائيليين للخروج إلى الشوارع من جديد.

وقالت في بيانات متزامنة إن “الطريق الوحيد للمضي في صفقة تبادل شاملة هو الضغط على نتنياهو”. متهمة إياه بالبحث عن ذرائع لإفشال أي اتفاق من أجل استمرار الحرب.

وتتحدث أوساط إسرائيلية عن أن رئيس الوزراء يشترط بنوداً إضافية غير قابلة للتنفيذ. بينها اشتراطات أمنية معقدة، بهدف كسب الوقت وتجنب مواجهة الائتلاف الحكومي المنقسم.

القاهرة: الكرة في ملعب إسرائيل

بدورها، أكدت مصر أن المفاوضات حققت “تقدماً مهماً” خلال المشاورات الأخيرة التي جرت في القاهرة مع وفد الفصائل الفلسطينية.

وقال وزير الخارجية بدر عبد العاطي إن “الكرة الآن في ملعب إسرائيل”. مشدداً على ضرورة ممارسة ضغوط دولية على تل أبيب لدفعها نحو الموافقة.

وأضاف أن التقدم الذي تحقق يعكس “فرصة واقعية للتوصل إلى اتفاق شامل” يوقف الحرب ويمهد لإعادة إعمار القطاع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights