تقارير-و-تحقيقاتعرب-وعالم

الدحدوح… “جبل صحفي” يبغي الاحتلال هدمه

“هذه الطريق اخترناها طواعية وسقيناها بأغلى ما نملك، سقيناها بالدم”.. كلمات عبر بها “وائل الدحدوح”- مراسل الجزيرة- عن لحظات الألم التي عاشها بفعل العدوان على غزة، إبان وداع نجله “حمزة” الذي استشهد مع زميله “مصطفى ثريا” اليوم في قصف الاحتلال لسيارة للصحفيين شمال رفح، مؤكدا على عمد استهداف الاحتلال “للدحدوح”، وكأنه أضحى “قطاع غزة” جديد ينوع الاحتلال استهدافاته له.

وقال “الدحدوح” أمام جثة ابنه واصفا أخلاقه: “كان شهما كريمًا معطاءً وحنونًا، بلغ سلامي لحبيبك رسول الله صل الله عليه وسلم”.

يذكر أن تلك المرة الثالثة التي يستهدف فيها الصحفي “وائل الدحدوح”، حيث استشهدت زوحته وابنه وابنته وحفيده الذي لم يتجاوز عمرة شهرا ونصف مع سبعة آخرين من أفراد عائلته في قصف لمنزل نزحوا إليه وسط غزة نوفمبر الماضي، وأصيب في قصف استهدفه في ديسمبر مع زميله “سامر أبو دقة” الذي استشهد في ذلك القصف، ليأتي الاستهداف الثالث اليوم لسيارة صحفيين كان نجله “حمزة” أحد ركابها لينال الشهادة مع زميله “مصطفى ثريا”، ويصاب “حازم رجب” الزميل الثالث بإصابات خطيرة، وترتفع أعداد شهداء الصحفيين بغزة منذ بدء العدوان إلى ١١٠ صحفي بما فيهم الصحفي “علي أبو عجوة”- حفيد الشيخ الشهيد “أحمد ياسين”- الذي استشهد اليوم في القطاع.

وتحدث عن آلام الفقد التي يعيشها للمرة الثانية في أسرته- منذ بدء العدوان، فقال: “ليس أصعب من آلام ووضع الفقد فكيف إذا كان الفقد للولد البكر فلذة الكبد ليس بضعة مني حمزة كان كل شيء وروح الروح، وعندما نحزن ونبكي فهي دموع الإنسانية والكرم والشهامة التي تفرقنا عن أعدائنا وليست دموع الجزع والخوف والاستكانة”.

صمود “الدحدوح” في وجه تلك الابتلاءات كان حديثا لوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وقد علق الصحفي “تامر المسحال” على الحادث بعد أن قدم واجب العزاء لزميله من استوديو الجزيرة، فقال: “لا يوجد في غزة تلال ولا جبال ولكن يوجد بها جبل صحفي اسمه وائل الدحدوح”.

وقد لاقى الحادث إدانات كثيرة بدءا بشبكة الجزيرة التي نشرت بيان أدانت فيه الجريمة والاحتلال، وأكدت على شجب تلك المجازر وضرورة إيقاف العدوان، وأنها لن تتوقف عن ملاحقة مرتكبي تلك الجرائم وستستمر في مسارها القانوني ضدها.

فيما قال الأمين العام لمنظمة مرسلون بلا حدود: “صدمنا بنبأ وفاة حمزة الدحدوح ومصطفى ثريا وهذه المذبحة يجب أن تتوقف، وعلى إسرائيل أن تتحمل المسؤولية عن استهداف الصحافة في غزة، وسنواصل اللجوء إلى الجنائية الدولية لتعطي الأولوية القصوى للجرائم ضد الصحفيين”.

وأدان نائب الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين الجرائم فقال: “ما يجري للصحفيين في غزة استهداف متعمد، ومنع الصحفيين الدوليين من دخول القطاع يهدف إلى صرف العالم عما يحدث”

وتحدثت “إيرين خان”- مقررة الأمم المتحدة- عن استهداف الصحفيين واصفة ذلك بجريمة الحرب، فقالت: “استهداف الصحفيين في غزة جريمة مروعة وجريمة حرب، و إسرائيل تنتهك قواعد القانون الدولي في غزة، وهناك أدلة كثيرة موجودة الآن على الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث لم تحترم إسرائيل حقوق الإنسان الأساسية وحق الصحفيين في أداء مهمتهم، و ما دام القصف مستمرا في غزة سيظل الصحفيون يعيشون وضعا خطيرا.

فيما عبرت “لؤلؤة خاطر” -وزيرة التعاون الدولي القطرية- عن تعازيها وألمها في المصاب الكبير لعائلة “الدحدوح” فقالت: “يا الله يا حمزة، كيف أعزي والدك؟ كيف أعزي إخوتك؟ ماذا أقول لهم؟ كنا نخطط لرؤيتكم… سحقا لآلة الاحتلال الوحشية وسحقا لمن ساهم ورضي… إلى جنات النعيم أيها الشهيد البطل، إلى جنات النعيم أيها الابن البار بأبيك، إلى جنات النعيم أيها الصحفي المخلص لكلمة الحق، تقبلك الله ولتبق دماؤك تلاحق قاتليك إلى يوم الحساب”.

استهداف الاحتلال “للدحدوح” وعائلته جعل منه رمزا لآلام القطاع، الذي يجدد الاحتلال قصفه يوميا قبل إكمال إجلاء المصابين والشهداء، وبالمثل الدحدوح يجدد المحتل جروحه وآلامه كل يوم جديد قبل أن يندمل جرحه الأول، حتى تضيع كل كلمات التعزية والمواساة أمام ذلك الجبل الصحفي، وما من قول يعبر عنه سوى كلمات الشهيد “حمزة”- قبيل استشهاده- لأبيه: “إنك الصابر المحتسب يا أبي… فلا تيأس من الشفاء ولا تقنط من رحمة الله… وكن على يقين أن الله سيجزيك خيرا لما صبرت”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى