الهندسة الوراثية في المجال الحيواني..ما بين الهجين والتحور الجيني
شهدت العقود الأخيرة مــن القرن العشرين ثورات علمية أحدثت تغيـراً جوهرياً في الحياة البشرية، ويأتي في مقدمتها الثــورة في مجال هندسة الجينات التـي ترتبط بمجموعة مـن التجارب البيولوجية، والتـي تشمل التحكم في الجينات الاستنساخ الحيوي، وتعني هندسة الجينات بدراسة تغير الجينات عــن طريق إضافة جيـن أو مجموعة جينات أو تعطيلهــا في المادة الوراثية الكائن الحي، وذلك لإنتاج صفات مرغوب فيها.
كمـا أدت التجارب والأبحـاث إلى اكتشاف الكيفية التـي تعمـل وفقهـا الجينـات لإيجـاد التقنيـة اللازمـة لتكويـن الدنــا المتحد الجديد (DNA colon)، ممــا أدى إلى فتــح المجــال واسـعاً لاستعمالات الهندسـة الوراثيــة في مجالات تجارية متعددة.
وتعرضـت مجـالات الإنتـاج الحيـواني والنبــاتي لثورتـيـن؛ أولهـمـا الثــورة الخــضراء الأولى التــي أســفرت عــن اســتخدام الوســائل التقليديـــة فــــي تحسين عناصر الإنتاج الحيواني، ثــم الثورة الخضراء الثانيــة التــي اعتمدت عـلـى التعامـل الدقيـق مـع المادة الحيـة فيما يعرف بالهندسـة الوراثيـة لإضافة الجينـات الخاصـة بزيـادة الإنتاج النباتي والحيــواني، وإنتــاج المستحضرات المناعية والتشـخيصية والعلاجية للحيـوان، والبرمجة الوراثية لتحسين الأسمـاك.
نتائج شاملة
ويرجـع الفضـل إلى قـدرة العلماء علـى ترتيـب جينومـات الحيوانــات الأليفة عــن طريــق الحصــول عـلـى الجينــات التــي تتحكــم في الصفــات المفيدة، وبالتــالي تســـــتخدم هــذه الجينــات المستخرجة لإدخالهــا في جينـوم حيـوان آخـر، وبالتالي نجـد أن الحيـوان الـذي تـم تطبيـق الهندسـة الوراثيـة عليـه والمعـدل وراثياً سيمتلك كل الصفــات الموجودة في الجينــات الجديــدة، بالإضافة إلى ذلــك وجــود فوائــد عديــدة للهندســة الوراثيــة في المجال الحيواني ، حيــث تعمــل عـلـى تحسيــن الصحــة العامــة بالإضافة إلى تحسين نوعيــة الحيــاة، وتتجـلـى فوائدهـا في تحسين صحـة الإنسان ،تعمـل علي تعزيـز إنتـاج الغـذاء ،تقلـل مـن الأثر البيئـي السـلبي ،تحسـن مــن صحــة الحيــوان ،وتنتــج تطبيقــات متطــورة .
والجديـر بالذكـر أن فوائـد الهندسـه الوراثيـه الحيوانيـه لم تقتصـر عـلى الإنسـان وحسـب ،انمـا تعـود أيضـاًعــلى الجانــب الحيــواني فتتجــلى في زيــادة تكويــن الحليــب ، حيــث أن بروتينــات الحليــب يتــم زيادتهــا عــن طريــق جينــات نســخ فريــدة تعــدل تكويــن وخصائــص الحليــب ، وقــد قــام العلماء عــلى إجــراء التعديل الوراثي علــى الأبقار مــن خلال إدخــال اللاكتوفيرين البـشـري في مكونــات حليــب الأبقار، مــع العلــم أن اللاكتوفيرين هــو الــذي يعمــل على نقــل الحديــد بالإضافة إلى أنــه يواجــه البكتريا ويمنعها من النمو.
بالإضافــة إلى تحســن إنتــاج صــوف الأغنــام وتغيــرخصائــص الأليـاف، ويتــم عــن طريــق نقــل التخليــق الحيـوي لمـادة السيستين الموجودة في جينـات البكترييـا ووضعهــا في جينـوم الأغنــام، وتعزيـز معــدلات النمــو عــن طريــق اســتخدام التعديــل الــوراثي الــذي يخــول العلمـاء التحكـم في عوامـل النمـو بمـا في ذلـك مســتقبلات ومعــدلات النمــو .
حكم الشرع
أوضح دار الإفتاء حكم العمل في الصفات الوراثية يرجع إلى نتائجه والمقصود منه ، فإذا كان العمل في الصفات الوراثية للحيوان والنبات لتحسينها وزيادة إنتاجها ، ولا يترتب علي ذلك إفساد لها أو ضرر يلحق المستخدمين والمستهلكين فلا نري مانعاً شرعياً في ذلك.