محمد مهنا: العلم اللدني عطية إلهية مستمرة لا ترتبط بزمن أو مكان

أكد الدكتور محمد مهنا، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن العلم والمعرفة الحقيقية هما من منح الله للإنسان، وهما تعبير عن الفضل الإلهي الذي لا يقتصر على زمن أو مكان بعينه.
جاء ذلك خلال إجابته على تساؤل حول إمكانية تجلي العلم اللدني، أو العلم الذي يمنحه الله لعباده دون سعي مباشر، في هذا العصر، وذلك في حلقة برنامج “الطريق إلى الله”، الذي يُذاع على قناة “الناس”.
وأوضح مهنا أن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يمنح عباده من العلم ما يشاء، متى يشاء، دون قيود زمنية أو مكانية، مشددًا على أن عطايا الله لا تنقطع وأنها ترتبط باستعداد الإنسان لقبول هذه النفحات.
وقال: “إذا كانت العلوم منحًا إلهية واختصاصات ربانية، فلا مانع أن يُؤتي الله سبحانه وتعالى آخر الزمان ما لم يُؤتِ الأولين”.
فضل العلم بين الجهد البشري والعطاء الإلهي
تناول مهنا العلاقة بين الجهد البشري في طلب العلم والفضل الإلهي الذي يُهيئ هذا السعي للإنسان.
وأكد أن كل ما يصل إليه الإنسان من علوم ومعارف هو بفضل الله وحده، وأن السعي للعلم، رغم أنه يُبذل بإرادة الإنسان، لا يتم إلا بعون الله وتوفيقه.
وأشار إلى أن العلماء قد يُخيل لهم أن ما وصلوا إليه من معارف هو نتيجة اجتهادهم الشخصي، إلا أن الحقيقة تكمن في أن الله سبحانه هو المصدر الأساسي لكل شيء. وأضاف: “حتى سعي الإنسان لتحقيق العلم هو بفضل الله ورحمته، إذا أردت التوفيق، فهو من الله وحده”.
العلم اللدني: فضل غير محدود ومستمر عبر الأزمان
في رده على سؤال حول إمكانية نزول الإلهام والعلم في العصر الحالي كما حدث في الأزمنة السابقة، أكد مهنا أن هذا الأمر ممكن تمامًا لأن فضل الله غير منقطع.
وقال إن الله قد يمنح عباده في كل زمان علمًا جديدًا وأسرارًا لم تكن موجودة من قبل، مشددًا على أن العلم اللدني ليس محصورًا بفترة زمنية بعينها، بل هو مستمر لكل من يستحقه ويطلبه بصدق.
وأوضح أن ما يمنحه الله للناس اليوم من علوم ومعارف قد يتفوق على ما سبق في الأزمنة الماضية، وفقًا لحكمة الله وعدله في توزيع فضله على عباده.
وأكد أن هذا العطاء الإلهي يتطلب من الإنسان تواضعًا في الاعتراف بأن كل ما لديه من علم هو من عند الله.
السعي إلى المنازل العليا: التواضع والعمل الصادق
خلال حديثه، استشهد مهنا بقول الشيخ محمد زكي في قصيدته عن “القطب”، موضحًا أن القطب ليس كيانًا غامضًا أو فوق البشر، بل هو عبد من عباد الله وصل إلى منزلة عظيمة بفضل إخلاصه وتواضعه.
وأكد أن الوصول إلى هذه المنازل من العلم والمعرفة لا يتم إلا بالعمل الجاد والنية الصادقة في عبادة الله.
كما شدد على أن العلم اللدني ليس حكرًا على فئة معينة، بل هو متاح لكل من يسعى إليه بصدق وإخلاص، موضحًا أن الله قد يفتح على أي عبد من عباده بعلوم ومعارف جديدة إذا كان مستعدًا لذلك.
رسالة أمل واستعداد لقبول الفضل الإلهي
اختتم الدكتور محمد مهنا حديثه برسالة مفادها أن العلم اللدني هو مظهر من مظاهر الفضل الإلهي الذي لا يتوقف، وأن استعداد الإنسان لقبول هذا الفضل يتطلب إخلاص النية والعمل الصادق. وشدد على أهمية التواضع والاعتراف بأن الله هو المصدر الأساسي لكل علم وفضل.
بهذه الكلمات، أرسل مهنا رسالة إلى المؤمنين بأهمية السعي إلى الله بصدق، والإيمان بأن عطايا الله لا تحدها أزمنة أو أماكن، بل هي متاحة لكل من يسعى بصدق ليكون قريبًا من خالقه ومستحقًا لنفحاته الإلهية.