توغل إسرائيل بريًا في لبنان.. هل يدفع المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة؟
عزز اغتيال إسرائيل أمين عام حزب الله حسن نصر الله في قصف استهدف تواجده في لبنان، من مخاوف دفع المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة.
ومثل اغتيال نصر الله في سلسلة غارات جوية إسرائيلية ضخمة على مقره تحت الأرض في بيروت يوم الجمعة تصعيدا كبيرا في الصراع بين إسرائيل والحزب المدعوم من إيران.
كما أن هذه هي الضربة الأخيرة في سلسلة من الضربات القوية التي تلقاها حزب الله، الذي خسر الآن العديد من قادته وكان يعاني بالفعل بعد انفجار أجهزة النداء واللاسلكي (بيجر) المملوكة لأعضائه في وقت سابق من هذا الشهر، مما أسفر عن مقتل العشرات وإصابة الآلاف.
وحذرت إسرائيل من أن “عصر جديد” من الحرب قد بدأ مع تحرك “مركز ثقلها” شمالاً، في إشارة إلى الحدود اللبنانية، ومن بين أهداف الحرب المعلنة إعادة عشرات الآلاف من المدنيين النازحين بسبب القتال عبر الحدود.
وذكرت الحكومة اللبنانية أن مئات الآلاف نزحوا داخل لبنان بسبب العمليات الإسرائيلية الأخيرة، في حين قتل أكثر من ألف شخص منذ تصاعد الغارات الجوية الأسبوع الماضي.
وأثارت إسرائيل احتمال القيام بتوغل بري في لبنان، والذي إذا تم تنفيذه، سيكون الغزو الإسرائيلي الرابع للبلاد خلال السنوات الخمسين الماضية، وفي المقابل تعهد حزب الله بمواصلة القتال في حين أكدت إيران تضامنها مع الحزب .
وتأتي الهجمات الأخيرة بعد أن رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اقتراح وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وفرنسا والذي دعا إلى وقف إطلاق النار لمدة 21 يوما في القتال عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية.
وقال البيت الأبيض إنه “ليس لديه علم أو مشاركة” في الهجوم الإسرائيلي على بيروت يوم الجمعة.
وذكرت تقارير غربية في وقت سابق أن الولايات المتحدة ترى إمكانية شن عملية برية محدودة في لبنان مع قيام إسرائيل بتحريك قواتها إلى حدودها الشمالية. لكن المسؤولين أكدا أن إسرائيل لا يبدو أنها اتخذت قرارا بشأن شن عملية برية.
وفي وقت سابق من يوم السبت، كشف جيش الاحتلال الإسرائيلي عن أن استعداده لاحتمال القيام بتوغل بري، لكن هذا مجرد خيار واحد يجري النظر فيه.
وفي سياق هذه الإشكالية الإقليمية والدولية، لا يستبعد الخبير في شؤون الأمن القومي والعلاقات الدولية، اللواء محمد عبد الواحد، سيناريوهات دفع المنطقة إلى حرب شاملة بسبب العمليات الحربية الإسرائيلية في غزة ولبنان.
وفي تصريحات خاصة لموقع “اليوم الإخباري”، أوضح اللواء عبد الواحد، أنه منذ بداية الحرب على غزة -قبل نحو عام- وهناك إرهاصات واضحة في انتقال آلة الحرب الإسرائيلية إلى مواجهة إقليمية شاملة، مشيرًا إلى تورط الولايات المتحدة بشدة في هذه المواجهات، بما في ذلك إدارة الصراع نفسه.
وفي هذا الصدد، يبين اللواء عبد الواحد، أن الولايات المتحدة اتبعت أربع مراحل في إدارة هذا الصراع، المرحلة الأولى عبر تقديم دعم غير محدود لإسرائيل، وهو ما بدا في تبني واشنطن الخطاب الإسرائيلي عقب كل حادث سواء كان اغتيال شخصية مهمة أو من خلال ارتكاب مجازر بحق المدنيين، وذلك في سياق مزاعم قائمة على أن إسرائيل من حقها الدفاع عن نفسها.
وفي المرحلة التالية، وفق الخبير الأمني الدولي، تدعي واشنطن أنها لم تكن تعلم أي شيء عن العملية (س) التي نفذتها آلة الحرب الإسرائيلية، وأن الأخيرة قامت بذلك بمفردها، مما يتيح لها مساحة للمناورة والقيام بدور المفاوض.
وفي حين، تستخدم الولايات المتحدة، في المرحلة الثالثة من إدارة الصراع، ما يسمى دبلوماسية القمع أو الردع، على غرار تحريك سفنها البحرية نحو المنطقة، لتأتي آخر مراحل إدارة الصراع عبر القيام بدور المفاوض، حسبما أوضح اللواء عبد الواحد.
واستشهد في هذا الصدد، بالزيارات المكوكية للمسؤولين الأمريكيين إلى المنطقة، وحديثهم الدائم عن ضرورة المفاوضات والسلام، بما يتناقض مع السياسات الأمريكية الواقعية تجاه الصراع الحالي.
وعن طبيعة الصراع الراهن، أوضح اللواء عبد الواحد، أنه ليس صراعًا مقتصرًا على حرب بين إسرائيل وحماس من جهة أو إسرائيل وحزب الله من جهة أخرى، بل إنه صراع معقد ومتشابك وله ثلاثة أبعاد، وهي:
• أبعاد إقليمية لأنه صراع بين إسرائيل و إيران.
• أبعاد دولية تتمثل في اعتباره جزءًا من استراتيجية الصراع الدولي بين الولايات المتحدة و الغرب من جهة وروسيا والصين وإيران من جهة أخرى.
• صراع على النفوذ الإقليمي، بعد أن أيقنت الولايات المتحدة تماما خطأ استراتيجية الانسحاب العسكري من المنطقة لصالح منافسين آخرين بما فيهم روسيا والصين.
كما يعتقد الخبير في العلاقات الدولية، أن الولايات المتحدة تنظر إلى الصراع اليمني باعتباره فرصة لتأكيد الشرعية والنفوذ في البحر الأحمر عبر ادعاءات مواجهة الإرهاب والقرصنة وحماية حركة التجارة والمصالح الغربية، وبالتالي هي لا تسعى إلى القضاء على جماعة الحوثي في اليمن رغم عمليات الأخيرة ضد إسرائيل.