أخبار

المفتي: الشريعة سبقت التنمية المستدامة برؤية شاملة للحياة

أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، أن الإسلام قدّم رؤية متكاملة لتحقيق التنمية المستدامة، حيث دعا إلى تحقيق التوازن والاعتدال في جميع مجالات الحياة، سواء في الاقتصاد، أو العلاقات الاجتماعية، أو الحفاظ على البيئة.

أوضح المفتي، خلال لقائه ببرنامج “مع المفتي”، المذاع على قناة الناس، أن الشريعة الإسلامية قدمت نموذجًا اقتصاديًا يدعو إلى التوسط بين التبذير والتقتير، مشيرًا إلى قوله تعالى: “وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا”، وهو توجيه إلهي بضرورة الاعتدال في الإنفاق والابتعاد عن الإسراف، مما يعكس مبدأ الاستدامة المالية والاقتصادية الذي تدعو إليه السياسات الحديثة.

التنمية الاجتماعية في ضوء الشريعة

أضاف مفتي الجمهورية أن التنمية المستدامة، في جوهرها، تعتمد على بناء منظومة أخلاقية واجتماعية تحكم العلاقات بين الأفراد، بما يضمن استقرار المجتمع ويمنع النزاعات التي قد تعطل عملية البناء والعمران.

أشار إلى أن الشريعة الإسلامية لم تقتصر على تنظيم علاقة الإنسان بربه، بل وضعت إطارًا عامًا يحكم العلاقات الاجتماعية ويضمن احترام الحقوق والواجبات، مما يتوافق تمامًا مع أهداف التنمية المستدامة المعاصرة، التي تسعى إلى تعزيز التفاهم والانسجام بين أفراد المجتمع.

تابع قائلًا: “الشريعة الإسلامية سبقت المفهوم الحديث للتنمية المستدامة، حيث نظرت إلى الإنسان باعتباره كائنًا اجتماعيًا، يحتاج إلى إطار أخلاقي يحفظ توازنه، ويضمن له الاستقرار والتعايش السلمي مع الآخرين”.

الرؤية المستقبلية للشريعة والتنمية المستدامة

أوضح الدكتور نظير عياد أن التنمية المستدامة تتطلب رؤية مستقبلية، وهي أحد الأبعاد التي تتفق فيها مع الشريعة الإسلامية، مشيرًا إلى أن النصوص الدينية جاءت حاثة على الاهتمام بالمستقبل والتخطيط له، كما في قوله تعالى: “وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ”، مما يدل على أن الإسلام لا يركز فقط على الآخرة، بل يهتم أيضًا بالتخطيط للمستقبل في الحياة الدنيا، بما يحقق التوازن بين متطلبات الحاضر واحتياجات الأجيال القادمة.

أضاف أن هذا المنظور الإسلامي يشبه إلى حد كبير مفهوم التنمية المستدامة، الذي يسعى إلى ضمان موارد طبيعية واقتصادية كافية للأجيال القادمة، عبر الاستخدام الرشيد للموارد، دون الإضرار بمصالح المستقبل.

البيئة في الإسلام والتنمية المستدامة

كما تطرق فضيلة المفتي إلى الجانب البيئي من التنمية المستدامة، مؤكدًا أن الشريعة الإسلامية نظرت إلى البيئة كعنصر أساسي يجب الحفاظ عليه، حيث جعلت من صون الطبيعة جزءًا من مقاصد الدين.

أوضح أن الإسلام اعتبر البيئة أمانة، ويظهر ذلك في العديد من التوجيهات النبوية التي تحث على عدم الإضرار بها، ومنها ما ورد عن النبي ﷺ أنه نهى عن إيذاء المخلوقات، بل غضب عندما رأى بعض أصحابه يحرقون قرية من النمل، قائلاً: “لا يعذب بالنار إلا رب النار”.

أكد أن الحفاظ على البيئة لا يقتصر فقط على الامتناع عن التلوث والإضرار بها، بل يشمل أيضًا اتخاذ إجراءات إيجابية للحفاظ على الموارد الطبيعية، وهو ما ينسجم مع مبادئ التنمية المستدامة الحديثة التي تدعو إلى التوازن بين استغلال الموارد الطبيعية وحمايتها للأجيال القادمة.

الشريعة والتنمية المستدامة: تكامل لا تناقض

شدد مفتي الديار المصرية على أن التنمية المستدامة ليست مفهومًا مستحدثًا، بل هي جزء أصيل من الرؤية الإسلامية الشاملة للحياة، حيث وضع الإسلام أسسًا واضحة لضمان استدامة الموارد، وتحقيق التوازن الاجتماعي، وحماية البيئة.

أكد أن العلاقة بين المقاصد الشرعية والتنمية المستدامة علاقة وثيقة، فالشريعة الإسلامية سبقت المفاهيم الحديثة في تقديم رؤية متكاملة تراعي مصالح الأفراد والمجتمعات، وتضمن تحقيق العدالة والاستقرار، بما يسهم في تحقيق تنمية حقيقية وشاملة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights