حوادث

طلقة انهت الخلاف.. حكاية «خناقة شوارع بالخرطوش» في كرداسة

كانت ليلة هادئة في حي كرداسة، حيث يغلق الناس أبوابهم على نهاية يوم طويل، متشبثين بنعمة الهدوء في زحام الحياة اليومية.

خلف زجاج المحل الصغير، وقف عماد بجوار رفوف الإطارات، يرتبها بعناية قبل أن ينهي يومه.

لم يكن يدري أن هذا اليوم سينتهي على غير ما اعتاد، وأن صدى خطى جار لم يكن على وفاق معه سيحمل له نذير خطر يتربص.

بينما كان يحاول عماد جاهدًا أن يكتم في صدره طيات من الأحقاد والمشاكل التي تراكمت بينه وبين جاره أحمد، اندلع الخلاف بينهما من جديد.

كانت مشادة كلامية في البداية، لكن الأمور تدهورت بسرعة، كأنها نيران تنتظر عود ثقاب، الصوت يرتفع، الكلمات تتحول إلى تهديدات، والغضب يشتعل في المكان الضيق كشرارة تصطدم بوقود.

وسط صرخات تهدد وتتحدى، لم يحتمل أحمد؛ بتوتر واندفاع أخرج سلاحًا صغيرًا من جيبه، فرد خرطوش كان قد خبأه بعيدًا، ربما لوقت عصيب كهذا.

في لحظة خاطفة، دوت الطلقة، وتناثر الرصاص كقطع الجحيم المحترقة، مخترقًا جسد عماد، شعر بحرارة غريبة تلتهم بطنه وصدره وساقيه، وخرّ على الأرض مثقلًا بالجراح؛ الضجيج في المكان كان شاهدًا على جريمته، وجدران المحل الصغيرة كأنها تئن من ثقل هذا العنف الصادم.

لم يتراجع أحمد عن فعلته، بل تملكه الخوف والندم فجأة، ففر هاربًا إلى ظلمة الحي، متناسيًا الدماء التي تركها خلفه.

لكن لم تتركه العدالة يهرب بعيدًا، فقد كان رجال الشرطة في أثَره، بقيادة المقدم محمد سعودي الذي لم يتوانَ عن مطاردته.

وبعد ساعات من الهروب المستميت، وجدوا أحمد متكومًا في زاوية ضيقة، وخلف ظهره مسدسه الذي خانه مثلما خان جاره.

كان عماد في تلك اللحظات يرقد في المستشفى، بين الحياة والموت، بين ألم يخترق جسده وإرادة لا يريد أن يخسرها. أما أحمد، فجلس في زنزانته، ينظر إلى يديه ويتساءل في صمت مرير كيف انتهى به الأمر هكذا، جالسًا في ظلام بارد يختلف كثيرًا عن وهج الغضب الذي أودى بحياة سلام جيرته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights