الأزهر: الصبر والشكر مفتاحا السعادة في دار الابتلاء

أكد الدكتور سيد عبدالباري، أحد علماء الأزهر الشريف، أن الحياة الدنيا هي دار اختبار وابتلاء، حيث خلقها الله سبحانه وتعالى لتجمع بين الحلو والمر، والرخاء والشدة، مشيرًا إلى أن المؤمن مطالب بالصبر في مواجهة الابتلاءات، والشكر عند النعم.

جاء هذا الحديث خلال استضافته في برنامج “مع الناس” الذي يُعرض على قناة “الناس”.

الحياة الدنيا في منظور الإسلام

أوضح الدكتور عبدالباري أن الإسلام ينظر إلى الحياة الدنيا باعتبارها مرحلة مؤقتة مليئة بالتحديات، مستشهدًا بقوله تعالى: “لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ” (سورة البلد، الآية 4).

هذه الآية تؤكد أن الإنسان مخلوق في مشقة وعناء، وهو ما يتطلب منه الصبر والشكر كوسيلة للتعامل مع طبيعة الحياة المختلطة بين الفرح والحزن، واليسر والعسر.

وأضاف أن الابتلاءات جزء من حكمة الله تعالى، إذ تساعد المؤمن على تقوية إيمانه، وتعزز لديه الشعور بالتوكل على الله والرضا بقضائه

الصبر والشكر: دروس من حياة الأنبياء

شدد الدكتور عبدالباري على أهمية الصبر عند مواجهة المحن، مستشهدًا بسيرة الأنبياء والمرسلين الذين واجهوا الشدائد بأقصى درجات الصبر.

وأشار إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان النموذج الأمثل في التحلي بالصبر، رغم ما تعرض له من أذى وابتلاءات.

وقال: “على المؤمن أن يتعلم من حياة النبي صلى الله عليه وسلم كيف يواجه الصعاب بإيمان واحتساب، وكيف يدرك أن هذه الدنيا ما هي إلا مرحلة عابرة تقود إلى الآخرة”.

الشكر في أوقات النعم

وفي المقابل، دعا الدكتور عبدالباري إلى ضرورة الشكر عند النعم، معتبرًا أن الشكر ليس مجرد قول باللسان، بل يشمل العمل بما يُرضي الله، واستثمار النعم في الخير والطاعة وأكد أن الشكر على النعم يجلب المزيد من الخير والبركة، استنادًا إلى قوله تعالى: “لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ” (سورة إبراهيم، الآية 7).

التقرب إلى الله: مفتاح الصبر والشكر

نصح الدكتور عبدالباري المؤمنين باللجوء إلى الله عز وجل في أوقات السراء والضراء، موضحًا أن القرب من الله يعين على تحمل الابتلاءات والاستمتاع بالنعم. وقدم مجموعة من الوسائل التي تساعد المؤمن على تحقيق ذلك، منها:

التوسل إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى.

المداومة على قراءة القرآن الكريم وتدبر آياته.

الإكثار من الاستغفار والدعاء.

وأكد أن هذه الوسائل تجعل القلب مطمئنًا، وتساعد المؤمن على مواجهة صعوبات الحياة بإيمان وثبات.

دعاء لتفريج الكرب والهم

استشهد الدكتور عبدالباري بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي أوصى به ابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها، قائلاً: “ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به: أن تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين”.

وأوضح أن هذا الدعاء يعكس المعنى الحقيقي للتوكل على الله، والاعتماد عليه في تيسير الأمور، ورفع الكرب والهم، مؤكدًا أن المؤمن كلما لجأ إلى الله بصدق ويقين، كلما زادت قدرته على تحمل أعباء الحياة.