أكذوبة السامية بين التعالي والتعاطف

بقلم: محمد كامل العيادي
إن الحديث عن السامية، ومصدرها، ومعناها شيء مهم، حتى يعلم الجميع من هم، ويتعرفوا على ماهيتهم الحقيقية، وما المقصود من تلك المغالطات التي يروجون لها عبر الإعلام، وما حقيقة اضطهاد العالم لهم؟.. ولهذا تمخضوا فولدوا مصطلح “العداء للسامية” أو “معاداة السامية”، الذي كان أول من استخدمه هو الكاتب الصحفي “وليام مار” عام 1879م، من أجل تمييز تلك الحركة المُضادة لليهود، عِلمًا بأن من أطلق هذا المصطلح هم بعض اليهود الذين قامت الإمبراطورية الرومانية بطردهم من فلسطين إلى أوروبا.
ورغم أنهم لا ينتمون إلى الساميين، فكروا في مصطلح معاداة السامية، لأمور عدة؛ منها: كسب عطف الشعوب غير المسلمة في العالم، وخروج جيل يدافع عن حقوق السامية، والنظرة الدونية لكل من يخالف مذهبهم العقدي، وعلى رأسهم من يدين بالدين الإسلامي الذي يكنون له كل عداء.
أما عن مصدر كلمة “الساميون أو الساميين”؛ فهي مشتقة من اسم سام ابن سيدنا نوح عليه السلام، ويُشار به إلى الشعوب المستوطنة في شبه الجزيرة العربية، والعراق، وبلاد الشام “سوريا، ولبنان، وفلسطين”، ويرون أن هؤلاء قد فضّلهم الله -عز وجل- على جميع البشرية، واصطفاهم، بل وقرَّبهم إليه، فأصبحوا شعب الله المختار من بين جميع الشعوب، فاسْتُبْعِد الكنعانيون بعد أن لُعِنوا في التوراة، ليكونوا خارج أسرة الساميين، واحتسابهم على الحاميين المنتسبين لحام ابن نوح عليه السلام، وهم قاطنو الشرق الأوسط، وبلاد فارس، ويمثلون بعض الشعوب الأوروبية.
من هنا بدأ مصطلح “معادة السامية” في الانتشار، وهو ادعاء كاذب بكراهيتهم.
وهذا المفهوم يُسأل عنه أوروبا وبلاد الغرب، وليس أهل الشرق الذين لم يثبت وجود عداء بينهم وبين اليهود، سوى بعد احتلال فلسطين في عام 1948م، وهو عداء مرهون بتحرير الأرض منهم.
واليهود الذين هاجروا إلى أوروبا فقدوا صفات العرب، بعد أن اكتسبوا الصفات الأوروبية، وتغيّرت عقولهم، وتحوّل البعض منهم من الديانة اليهودية إلى الديانة المسيحية، ولا نعلم هل اعتنقوا المسيحية عن اقتناع تام، رغم أنهم يرون أن هذا الاضطهاد لم يتم إلا بالاضطهاد المسيحي لهم خلال العصور الوسطى.
وفي الحقيقة فإن اليهود لا يعادون المسلمين وحدهم، ولكن لديهم عداء أيضاً مع المسيحيين.
وبدأت ثمار مصطلح معاداة السامية الخبيثة في النضج، وذلك بالمناداة باتخاذ إجراءات إصلاحية في وضع اليهود السيادي في ألمانيا، فاشتعلت نيران المظاهرات في كل مكان، مطالبين الحكومة الألمانية بطرد هؤلاء اليهود خارج ألمانيا.
وبدأ انتشار مصطلح “معاداة السامية”، حتى وصلت إلى النمسا عام 1895م، ثم فرنسا، ثم توالى انتشارها في الكثير من الدول الأوروبية، وقامت ثورة عنيفة ضد اليهود أيضًا في المجر عام 1920م.
ومن الشخصيات التي دعمت الحركة المعادية لليهود، هو رجل الأعمال الشهير “هنري فورد”، وكذلك “هتلر”، وظل هذا الوضع يزداد سوءًا، خاصة بعد قيام الحرب العالمية الأولى، وإظهار اليهود رغبتهم الدفينة في قلوبهم، عن طريق نشر بروتوكولات حكماء صهيون.
ونرى دائمًا أنهم يُلبسون كذبهم ثوب الحق والفضيلة، وهو للأسف حق يراد به باطل.