عرب-وعالم

بين السياسة والميدان.. خبراء يكشفون أسباب إعلان حماس عن قادتها الشهداء

دلالات إعلان حماس عن استشهاد قادتها

أثار إعلان كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس عن استشهاد عدد من قادتها البارزين في معركة “طوفان الأقصى” تساؤلات حول توقيت الإعلان ودوافعه.

فقد جاء هذا الإعلان بعد وقف إطلاق النار وبدء عمليات تبادل الأسرى مما يطرح تساؤلات حول الأهداف الاستراتيجية والسياسية لهذا القرار كما أن غياب بعض القادة البارزين يثير تساؤلات حول من يدير المقاومة الفلسطينية حاليًا.

وأعلن “أبو عبيدة”، الناطق باسم كتائب عز الدين القسام، الخميس، عن استشهاد عدد من قادة الكتائب في معركة “طوفان الأقصى”، أبرزهم “محمد الضيف” قائد هيئة أركان الكتائب.

وشمل البيان نعي مجموعة من الأعضاء الرئيسيين في المجلس العسكري الأعلى للكتائب، من بينهم “مروان عيسى” نائب قائد أركان القسام، و”غازي أبو طماعة” قائد ركن الأسلحة والخدمات القتالية، و”رائد ثابت” قائد ركن القوى البشرية، و”رافع سلامة” قائد لواء خانيونس.

اللحظة المناسبة

اللواء الدكتور سمير فرج المدير السابق للشؤون المعنوية بالقوات المسلحة المصرية، يرى أن تأجيل إعلان حماس عن استشهاد قادتها يعود إلى عدة اعتبارات أبرزها تفادي التأثير السلبي على الروح المعنوية للمقاتلين أثناء المعارك.

فقد أوضح اللواء في تصريحات خاصة لـ”اليوم”، أن الإعلان أثناء القتال كان من الممكن أن يضعف الروح المعنوية لحماس لكنه بعد وقف إطلاق النار لن يكون له التأثير نفسه.

ويتابع اللواء فرج  أن توقيت الإعلان كان مناسبًا نظرًا لاستقرار الأوضاع العسكرية وعدم وجود عمليات قتالية نشطة فحماس اختارت لحظة مناسبة للإعلان بعد أن تحقق وقف إطلاق النار بشكل فعلي ولم يعد هناك اشتباكات مباشرة بين الطرفين.

التوظيف السياسي للإعلان

طارق دياب الباحث في العلاقات الدولية أكد أن القادة الذين تم الإعلان عن استشهادهم هم من الصف الأول في هيئة الأركان، وكان من الصعب إعلان ذلك خلال المعركة لأن مثل هذا الإعلان كان سيشكل ضربة نفسية قوية للمقاومة.

مضيفًا، لـ”اليوم”، أن الانتظار حتى انتهاء القتال ووقف إطلاق النار ثم الإعلان عنهم يأتي ضمن استراتيجية محسوبة لحماية صورة التنظيم العسكري لحماس وإظهار تماسك القيادة، وبالكشف عن استشهاد القادة في هذا التوقيت برغم أننا فقدناهم منذ أشهر قد أعلن فعليًا انتهاء الحرب بشكل كبير، وبالتالي دخول المرحلة الثانية والثالثة من اتفاق وقف النار حيز التنفيذ بات شبه محسوماً.

كما أشار إلى أن هناك بعدًا سياسيًا لهذا الإعلان يتمثل في أن حماس ربما أرادت توجيه رسالة بأن المقاومة مستمرة رغم فقدان القادة، إضافة إلى إمكانية استخدام إسرائيل لهذا الإعلان داخليًا لتقديمه كـ”إنجاز” سياسي لبنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، في محاولته إقناع الرأي العام الإسرائيلي بقبول وقف إطلاق النار باعتباره نجاحًا في القضاء على قادة المقاومة، الذين شنوا هجوم السابع من أكتوبر.

إدارة المقاومة بعد فقدان القادة

أحمد سلطان الباحث في الشؤون الإقليمية والدولية يرى أن توقيت الإعلان مرتبط بمرحلة جديدة من إدارة الصراع حيث وضعت الحرب أوزارها على الأقل في المرحلة الأولى من الهدنة وبالتالي لم يعد هناك مانع من إعلان استشهاد القادة.

وأوضح في تصريحات خاصة لـ”اليوم”، أن هذا الإعلان يحمل عدة رسائل منها أن حماس قادرة على إدارة شؤونها العسكرية والاحتفاظ بالسيطرة رغم فقدان قادتها البارزين وأنها مستمرة ولم تنته كما كان يأمل نتنياهو وحلفاؤه.

كما أشار إلى أن طبيعة حركات المقاومة تجعلها غير قائمة على أشخاص محددين فهناك آلية للقيادة والسيطرة تضمن استمراريتها حتى في حال مقتل أو أسر القادة وأكد أن المقاومة الفلسطينية على مدار تاريخها تعرضت لاغتيالات لقادتها المؤسسين لكنها لم تتأثر بشكل كبير بل استمرت في العمل.

من يدير المقاومة حاليًا؟

أما بخصوص من يدير المقاومة حاليًا فقد أكدت المعلومات أن محمد السنوار هو القائد الفعلي للعمليات العسكرية في هذه المرحلة حيث يقود المجلس العسكري لكتائب القسام الذي لا يزال يعمل بفاعلية رغم استشهاد قادته السابقين كما أن المجلس العسكري يدير العمليات بأسلوب يجمع بين المركزية واللامركزية مما يضمن استمرارية العمل العسكري دون حدوث فراغ قيادي.

إضافة إلى أن كتائب القسام تعتمد على نظام هيكلي يتيح تعيين بدلاء للقادة الذين يستشهدون وهو ما ظهر خلال المعارك السابقة حيث استمرت المقاومة رغم استهداف كبار القادة مثل أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي.

يمكن القول إن إعلان حماس عن استشهاد قادتها في هذا التوقيت كان قرارًا مدروسًا يهدف إلى حماية الجبهة الداخلية واستغلال التوقيت السياسي وإرسال رسائل مفادها أن المقاومة مستمرة رغم الخسائر كما أن استمرار قيادة محمد السنوار والمجلس العسكري يعكس صلابة التنظيم وعدم تأثره باستهداف قياداته العليا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى