القرآن الكريم.. شرف التلاوة ومضاعفة الأجر بين الإتقان والمشقة

يحتل القرآن الكريم مكانة عظيمة في نفوس المسلمين، إذ يمثل النور الذي يضيء حياة المسلمين، والدليل الذي يهديهم إلى طريق الحق.
وقد بيَّن النبي محمد صلى الله عليه وسلم فضل قراءة القرآن، مشيرًا إلى منزلة من يتقنه ويرتقي في تلاوته. ففي حديث شريف رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قرأ القرآن وهو ماهرٌ فيه فهو مع السفرة الكرام البررة”.
السفرة الكرام البررة هم الملائكة المكرمون الذين اصطفاهم الله تعالى لتدوين الوحي وحفظه، وهذه المكانة الرفيعة تُمنح للماهر في التلاوة، الذي يتقن أحكامها ويتفانى في أدائها بشكل صحيح فهذا يدل على عظمة منزلة التلاوة المتقنة في الإسلام، ويشجع المسلمين على السعي إلى تحسين قراءتهم للقرآن.
القراءة بالمشقة الأجر المزدوج
على الجانب الآخر، لم يغفل الإسلام عن أولئك الذين يجدون صعوبة في قراءة القرآن فالنبي صلى الله عليه وسلم قد أكد أن من يقرأ القرآن بتعتعة أو مشقة، ويحاول جاهدًا تحسين تلاوته، له أجران قال صلى الله عليه وسلم: “والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران”.
هذا التوجيه النبوي يُظهر الرحمة الإلهية الشاملة، ويعزز الإيمان بأن الجهد المبذول في سبيل الله لا يضيع أبدًا فالأجر الأول يُمنح للقارئ على قراءته للقرآن، أما الأجر الثاني فهو على صبره ومثابرته رغم المشقة.
رسالة الإسلام التيسير والتشجيع
يُبرز هذا الحديث بوضوح القيم الإسلامية التي تقوم على التيسير والتشجيع، حيث يحث المسلم على الاستمرار في التعلم دون أن يشعر باليأس أو الإحباط بسبب التحديات فالإسلام يقدّر الجهد، ولا يقتصر التكريم على من يُتقن فقط، بل يشمل أيضًا من يسعى لتحسين ذاته رغم العوائق.
السعي لإتقان التلاوة
الحديث الشريف لا يشير فقط إلى الأجر والمثوبة، بل يحمل دعوة ضمنية للمسلمين للعمل على إتقان قراءة القرآن فمن خلال تعلم أحكام التجويد وتكرار التلاوة، يمكن للقارئ أن يتجاوز صعوباته ويصل إلى مرتبة الماهر في القراءة، ليحظى بمنزلة السفرة الكرام البررة.
أهمية التلاوة في حياة المسلم
قراءة القرآن ليست مجرد عبادة، بل هي وسيلة للارتقاء الروحي والتأمل في كلام الله فهي تهذب النفس، وتُشعر القارئ بالقرب من الله، وتفتح أمامه أبواب الرحمة والمغفرة لذا، فإن الاجتهاد في تعلم التلاوة وإتقانها يعد استثمارًا في الدنيا والآخرة.
إن حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن قراءة القرآن يُلهم المسلمين بمواصلة التلاوة والتدبر، مهما كانت الصعوبات فالإسلام لا يقصر الأجر على الماهرين فقط، بل يمنح المشقة قدرها، ويؤكد أن الجهد في سبيل الله يُجازى بمضاعفة الحسنات قراءة القرآن هي رحلة إيمانية تعكس عمق علاقة المسلم بربه، ووسيلة لتحقيق الطمأنينة والسلام الداخلي.