البيتكوين.. كيف تحول من فكرة مبتكرة إلى قوة اقتصادية عالمية؟

منذ أكثر من عقد، ظهرت البيتكوين كفكرة ثورية تهدف إلى تغيير نظام المال العالمي، واليوم، باتت هذه العملة الرقمية جزءا أساسياً من المشهد الاقتصادي العالمي، حيث يستخدمها الملايين في مختلف الدول، وفي هذا التقرير تستعرض «اليوم» قصة ظهور العملات الرقمية وتأثيرها على الدول والمجتمعات.
النشأة عام 2008م والتداول عام 2009م
يقول عبدالله دوغان، مقدم محتوى هادف عبر السوشيال ميديا: “قصة البيتكوين انطلقت مع نشر ورقة بحثية من قبل شخص مجهول الهوية يُدعى “ساتوشي ناكاموتو.”، مشيراً بتضمن الورقة البحثية على تصور لنظام مالي لامركزي، يعتمد على تقنية البلوكشين، التي تستخدم لتخزين البيانات ونقلها بشكل آمن وشفاف، وتعرف أيضاً باسم “سلسلة الكتل” لأنها تعتمد على تسجيل البيانات في كتل (Blocks) مترابطة ومؤمنة باستخدام التشفير، مما يكون سلسلة من المعلومات.
وأوضح دوغان، بأنه في عام 2009، بدأ تعدين أول كتلة بيتكوين، وتداول العملة كان رمزياً للغاية، حيث عند إطلاق البيتكوين، كان سعره منخفضاً جداً، حيث بلغ حوالي 0.001 دولار أمريكي لكل بيتكوين، ومع زيادة تبني البيتكوين، ارتفعت قيمتها بشكل كبير، لتتجاوز 20,000 دولار أمريكي في عام 2017م.
بينما اليوم، 17 ديسمبر 2024، تشهد قيمة البيتكوين ارتفاعاً كبيراً، حيث يبلغ سعره الحالي حوالي 106,085 دولار أمريكي لكل بيتكوين، وهذا الارتفاع الهائل يعكس النمو الكبير والاهتمام المتزايد بالعملات الرقمية على مدار السنوات الماضية.
الدول التي تستخدم البيتكوين
تعتبر السلفادور، أول دولة في العالم تعتمد البيتكوين كعملة قانونية رسمية إلى جانب الدولار الأمريكي منذ 2021، بهدف تعزيز الاقتصاد وجذب الاستثمارات، بالإضافة لدول أخرى تشمل الاستخدام المتزايد للبيتكوين مثل نيجيريا، الأرجنتين، وتركيا، وذلك بسبب ضعف العملات المحلية والتضخم، كما أن هناك بعض الدول مثل ألمانيا واليابان اعترفت بالبيتكوين كأصل مالي، في حين تسمح الولايات المتحدة بتداولها كعملة شرعية.
من ناحية أخرى، قامت عدة دول بحظر أو تقييد استخدام البيتكوين والعملات المشفرة، وتشمل هذه الدول:
- الجزائر
- بنغلاديش
- بوليفيا
- الصين
- كولومبيا
- مصر
- إندونيسيا
- إيران
- العراق
- نيبال
- فيتنام
وتختلف سياسات هذه الدول من حظر كامل للتعامل بالعملات المشفرة إلى فرض قيود صارمة على استخدامها مع تجريمها في نصوص القوانين.
كم عدد البيتكوين؟
العدد الإجمالي للبيتكوين محدد بـ 21 مليون عملة فقط، ونظراً لندرتها ترتفع قيمتها مع الوقت، وحتى الآن، تم تعدين ما يقارب 19 مليون بيتكوين، ويتوقع أن يتم تعدين آخر عملة في عام 2140.
تأثير البيتكوين على الأفراد والمجتمعات
الكثير من الشركات العالمية باتت تقبل البيتكوين كوسيلة للدفع، مثل “تسلا” سابقًا و”باي بال”، في حين يعتبر البيتكوين وسيلة لتحقيق أرباح ضخمة للمستثمرين الأوائل، لكنها أيضاً تحمل مخاطر عالية بسبب التقلبات.
المؤيدون والمعارضون للعملات الرقمية
المؤيدون يرون أن البيتكوين تمثل مستقبل المال الحر بعيداً عن تحكم الحكومات والبنوك المركزية، في حين المعارضون يعتبرونها أداة مضاربة لا تستند إلى قيمة حقيقية، ويمتدحون القوانين التي تحد من انتشارها.
لماذا يتم تجريم البيتكوين في مصر؟
خلال اتصال هاتفي لـ “اليوم”، يقول أحمد خلف، محامي بالاستئناف: “المشرع المصري حظر التعامل بالعملات الرقمية «بيتكوين» وأفرد لها عقوبة في قانون البنك المركزي.”، وأشار بأن المادة 206 من قانون البنك المركزي والمصرفي رقم 194 لعام 2020م، تحظر التعامل بالعملات الافتراضية والمشفرة دون الحصول على ترخيص، كما في نص المادة رقم 225 يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد عن 10 ملايين جنيه، كل من يخالف نصوص مواد القانون(63، 205، 206 ، 184) من القانون.
وأوضح خلف، بأن السبب الحقيقي لتجريم البيتكوين في مصر يتمثل في كون العملات الرقمية، مثل بيتكوين، لا تخضع لرقابة أي جهة حكومية أو مصرف مركزي، مما يخلق تحديات في السيطرة عليها وتتبع حركتها، وهذا الأمر قد يتعارض مع السياسات النقدية التي تعتمد على التحكم المركزي في الاقتصاد.
وأستكمل الحديث عن مخاطر غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك نظراً لطبيعتها المشفرة وصعوبة تتبع المستخدمين، فقد يتم استخدام العملات الرقمية في أنشطة غير قانونية مثل غسيل الأموال أو تمويل الإرهاب، مما يشكل خطراً أمنياً كبيراً.
ورغم ذلك، يرى خبراء الاقتصاد مع مرور الوقت، قد تصبح البيتكوين بديلاً عالمياً للذهب الرقمي، معترفين بكون العملات الرقمية تواجه تحديات كبيرة مثل التشريعات الحكومية، والتقلب السعري الكبير.
البيتكوين ليست مجرد عملة رقمية، بل ظاهرة عالمية تثير المخاوف التساؤلات حول مستقبل المال، وبين مؤيد ومعارض، يبقى السؤال: هل نحن على أعتاب عصر جديد من الاقتصاد الرقمي؟