موضة العصر بين الشباب.. تقليد غربي يهدد الهوية المصرية والقيم المجتمعية

في السنوات الأخيرة، انتشرت بين الشباب ظاهرة تقليد قصات الشعر والملابس الغربية، التي توصف أحياناً بأنها “موضة العصر”، حيث تجد الشباب يفتخرون بقصات شعر غريبة، بعضها مستوحى من نجوم الرياضة والمشاهير العالميين، وأخرى تبدو أقرب إلى العبثية، إضافة إلى ذلك، انتشر ارتداء الملابس المتقطعة، مثل الجينز الممزق، الذي أصبح رمزاً لبعض الفئات رغم كونه يثير الجدل بين الأجيال المختلفة في المجتمع.
«اليوم» ترصد انتشار الظاهرة في المحافظات المصرية
بمتابعة الظاهرة، تبين لجريدة وموقع «اليوم » أن مدن القاهرة الكبرى، مثل القاهرة، الجيزة- القليوبية، بالإضافة إلى الإسكندرية، الأكثر تأثراً بهذه الموضات، نظراً لانفتاحها على الثقافات الخارجية، وتواجد وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بشكل مكثف، وفي هذه المدن، يلاحظ أن نسبة كبيرة من الشباب يعتمدون هذه الصيحات كجزء من حياتهم اليومية.
أما في محافظات الصعيد، مثل أسيوط، سوهاج، وقنا، أسوان، فالظاهرة أقل انتشاراً بسبب التقاليد المحافظة التي تميز هذه المناطق، ومع ذلك، فإن بعض الشباب في المدن الكبرى داخل الصعيد بدأوا يتبنون هذه الموضات، خصوصاً بين طلاب المدارس، وكذلك الطلاب الجامعيين، مما أدى إلى حالة من الجدل بين الأجيال الأكبر سناً، التي ترى في ذلك خروجاً عن القيم الأصيلة.
يقول علاء محمد، أحد سكان سوهاج: “الشباب هنا يتأثرون بالموضة التي يرونها في المدن الكبرى والتليفزيون الجديد” الهاتف الخلوي”، لكن الأهل يتدخلون لمنع الإفراط في ذلك.”
دور التعليم والجامعات
تلعب المؤسسات التعليمية، وخاصة الجامعات، دوراً محورياً في توجيه الشباب وتوعيتهم بشأن التوازن بين الحرية الشخصية، واحترام القيم الثقافية والدينية، حيث تظهر اهمية الحاجة إلى التوعية من خلال الأنشطة التي تتيحها الجامعات، كندوات توعوية للطلاب، خاصة الأنشطة التي تناقش قضايا الهوية الثقافية والموضة، ولكنها لا تزال غير كافية في كثير من الأحيان.
ويمكن للأنشطة الثقافية والفنية أن تكون وسيلة فعالة لتقديم بدائل شبابية تعكس الأصالة المصرية مع الاحتفاظ بالطابع العصري، هذا وبالإضافة للدور التربوي، فإنه ينبغي على المدارس والجامعات تعزيز ثقافة الوعي لدى الطلاب بطرق إيجابية، بعيداً عن الانتقاد المباشر، مع التركيز على أهمية الهوية والاعتزاز بالثقافة الوطنية.
آراء الجمهور المصري
تتباين الآراء في الشارع المصري تجاه هذه الظاهرة:
فئة الشباب: يرى الكثير من الشباب أن هذه الموضة تعبر عن الحرية الشخصية والتعبير عن النفس، ويقول أحمد محمد، طالب جامعي في القاهرة: “قصات الشعر والملابس هي طريقة لإظهار هويتي الخاصة، وهي أمر لا يضر أحدًا.”
الأجيال الأكبر سناً: على الجانب الآخر، يرى البعض أن هذه الموضات غريبة على المجتمع المصري وقيمه، فتقول أم محمود، ربة منزل في قنا: “أين الحشمة والوقار؟ كيف يمكن لشاب أو فتاة أن تخرج بهذا الشكل أمام الناس؟ هذه ليست عاداتنا.”
رأي الدين الإسلامي
من منظور الدين الإسلامي، يُعتبر التزين والاعتناء بالمظهر أمراً مقبولًا بل ومستحباً، ولكن بشرط ألا يخرج عن حدود الاعتدال، أو يتنافى مع القيم الأخلاقية.
قصات الشعر: أشار العديد من العلماء إلى أن التقليد الأعمى للغرب، خاصة في قصات الشعر الغريبة، قد يدخل تحت بند “التشبه بغير المسلمين”، وهو أمر حذر منه الإسلام.
الملابس المتقطعة: شدد علماء الدين على أهمية اللباس الساتر الذي يحفظ الكرامة ولا يثير الانتباه بشكل سلبي، ويقول الشيخ ممدوح محمد، أحد أئمة المساجد بوزارة الأوقاف: “اللباس يعكس هوية الإنسان ودينه، لذلك لا ينبغي أن يكون مُبالغاً فيه أو مسيئًا.”
الهوية المصرية في مواجهة العولمة
تعكس الموضة جزءاً من الهوية الثقافية لأي مجتمع، وفي ظل التأثير الكبير للعولمة، تتعرض الهوية المصرية لتحديات عديدة نتيجة التقليد الأعمى للغرب، خاصة بين الشباب، لذلك الحفاظ على هذه الهوية يتطلب تضافر الجهود بين الأسرة، المؤسسات التعليمية، والإعلام، لتقديم محتوى يعزز الانتماء ويدعم القيم الأصيلة دون إغلاق الباب أمام التطور والحداثة.

الموضة ليست مجرد مظهر خارجي، بل هي انعكاس للثقافة والقيم، في حين يحق للشباب التعبير عن أنفسهم، ينبغي أن يكون ذلك متوازناً مع احترام ثقافة المجتمع وتعاليم الدين، ومع أن التقليد ليس دائماً أمراً سلبياً، فإن تقليد الغرب بلا وعي قد يؤدي إلى تآكل الهوية الثقافية والمجتمعية.