عرب-وعالم

فرنسا تغادر ساحل العاج.. بداية عصر جديد للقارة السمراء

تبدو غرب إفريقيا على أعتاب تحولات جذرية في ديناميكيات العلاقات العسكرية والدبلوماسية، حيث تشهد المنطقة إعادة تقييم لعلاقاتها مع القوى الاستعمارية السابقة مثل فرنسا، وإعلان الرئيس الإيفواري الحسن واتارا عن سحب القوات الفرنسية من ساحل العاج هو مؤشر على هذا التحول، حيث تعكس هذه الخطوة رغبة متزايدة في تعزيز السيادة الوطنية والاستقلالية في صنع القرارات العسكرية.

تدعم هذه التحولات محاولات دول المنطقة لتوطيد شراكات جديدة، مع التركيز على التعاون مع دول مثل روسيا، في إطار تحول واضح في التحالفات الإقليمية. ومع ذلك، لا تخلو هذه التحولات من المخاوف، حيث تواجه بعض هذه الدول تحديات كبيرة من حيث الأمن، مع تصاعد العنف والتطرف في مناطق مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

ساحل العاج

أعلن الرئيس الإيفواري الحسن واتارا، الثلاثاء، أن القوات الفرنسية ستغادر بلاده بشكل “منظم ومتفق عليه”، مؤكدًا تسليم القاعدة العسكرية في أبيدجان إلى الجيش الوطني.

يأتي هذا الإعلان بالتزامن مع قرارات مشابهة لدول أخرى، حيث لوّحت السنغال بإنهاء الوجود العسكري الأجنبي بحلول 2025.

تراجع النفوذ الفرنسي

لطالما شكلت إفريقيا منطقة نفوذ تقليدية لفرنسا منذ الاستقلالات في ستينيات القرن الماضي. إلا أن الوجود العسكري الفرنسي يواجه تحديات كبرى:

انقلابات عسكرية: شهدت مالي، بوركينا فاسو، والنيجر تغيرات سياسية أطاحت بحكومات متحالفة مع باريس.

مشاعر مناهضة لفرنسا: ترى قطاعات واسعة في هذه الدول أن التواجد الفرنسي لم يحقق الأمن المنشود، بل يخدم المصالح الفرنسية الاقتصادية.

توسع القوى المنافسة: أصبحت روسيا لاعبًا بارزًا عبر مجموعة “فاغنر”، إلى جانب تعزيز الصين حضورها الاقتصادي في القارة.

استراتيجية فرنسية جديدة

مع تصاعد التحديات، بدأت فرنسا إعادة النظر في استراتيجيتها العسكرية بالقارة، حيث خفّضت قواتها في غرب ووسط إفريقيا. وأشارت مصادر دبلوماسية إلى أن باريس تدرس الاعتماد على شراكات أكثر توازنًا، مع تقليص وجودها الدائم.

كما أن انسحاب فرنسا يثير تساؤلات عن الفراغ الأمني الذي قد يحدث في المنطقة. وفي دول الساحل، ازداد النشاط المسلح بعد خروج القوات الفرنسية، مما يعكس محدودية نجاح الحملات العسكرية السابقة.

من جهة أخرى، تستغل قوى أخرى مثل روسيا هذا الفراغ لتوسيع نفوذها من خلال عقود عسكرية واقتصادية.

التوجه نحو السيادة

يصف المحللون التطورات بأنها “نهاية مرحلة استعمارية جديدة”، مشيرين إلى أن إفريقيا باتت تبحث عن شراكات تحترم سيادتها. كما أن الوجود الفرنسي قد تآكل بسبب فشله في تقديم حلول ملموسة لمشاكل الأمن والتنمية.

بينما تستعد فرنسا لإنهاء عقود من الحضور العسكري في العديد من الدول الإفريقية، تبدو القارة على مشارف مرحلة جديدة من إعادة تشكيل تحالفاتها الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights