اقتصادالرئيسيةتقارير-و-تحقيقات

الدكتورة منال خيري لـ اليوم: لدينا قوانين تشجع الاستثمار ونأمل حل مشكلاته

تقول الدكتورة منال خيري، أستاذ الاقتصاد جامعة حلوان، إن مصر لديها قوانين لتشجيع الاستثمار في مصر، سواء كان استثماراً داخلياً أو للمستثمر الأجنبي، لكن هناك مشكلة في السوق المصري، لافتة إلى أن ذلك يتأثر بالتوترات الموجودة في المنطقة.

جاء ذلك خلال حوار خاص لـ “اليوم” للحديث عن أسباب خروج الشركات المصرية من السوق المصري إلى السوق الإماراتي.. وهل هذا يؤثر على الاقتصاد المصري؟ وما الحلول الجوهرية التي من شأنها أن تجعل أصحاب الشركات يعدلون عن قرار الخروج؟ وماذا عن رؤيتها المستقبلية لسعر الدولار ومناخ الاستثمار في مصر؟ وما التحديات التي تواجه القطاع الخاص؟

تضيف أستاذ الاقتصاد: أصبحت المنطقة غير آمنة، بسبب هذه الأحداث الجارية، بما فيها من حروب طاحنة في الشرق الأوسط، وهي بمثابة الحزام الناري، وأنا أرى أن الدولة قد فعلت ما عليها في تشجيع الاستثمار، وهناك إنجازات عدة، في ملف الاستثمار، والقوانين، والتهرب الضريبي، وما إلى ذلك.. إذًا أول سبب هو الحرب، فالحرب تجعل البيئة غير آمنة لأي استثمار، ومما لا شك فيه أن مصر مُحاطة بالنيران.

تتابع الدكتورة منال: أما عن مشاكل السوق المصري وارتفاع مُعدلات التضخم، بسبب تراجع القدرة الشرائية، وذلك ببحث الأفراد إلى التركيز على الإحتياجات الأساسية، حيث إن هذه الاحتياجات لا تتوقف على الطعام والشراب فقط، بل الاحتياج الأساسي، مثل الكهرباء، والماء، والغاز، وفواتير النت، والهاتف، وبنزين السيارة، والدروس الخصوصية، ومصاريف الجامعات، وهذا بكل تأكيد يشهد موجة عالية جدًا من التضخم.

وأكملت: هذا يؤثر على القدرة الشرائية، ويساعد على إهمال الناس للسلع الترفيهية، والكمالية، فمثلًا لا يُفكر الشخص منا الآن في شراء شقة، أو التفكير في رحلة إلى مصيف، أو شراء ملابس جديدة، بل كل ما يفكر فيه هو كيف يعيش ويستطيع توفير قوت يومه، مما يجعل المستثمر يحجم عن الاستثمار، وذلك لرؤيته أن المستقبل غير واعد ولا يُبشر بخير.

استطردت : حدث ذلك بعد دراسة السوق ووصوله إلى قناعة أن العملية غير مُجدية، لذا يبدأ التفكير في اختيار بيئة أخرى للعمل فيها، لتعويض أي نسبة خسارة قد تعرض لها، أضف إلى هذا ارتفاع اسعار الطاقة، وحتى لو ساعدت الدولة في توفير الطاقة باسعار مناسبة، فهل تستطيع أن تصمد في هذا لوقت طويل أم لفترات قصيرة.

وتشير الدكتورة منال خيري إلى أن هناك طرقاً لمحاربة التضخم، منها رفع سعر الفائدة، وهذا يُعد إجراء من إجراءات السياسة النقدية، ومن الضرورة اللجوء له، لحل مُعضلة التضخم، وسعر الفائدة تقوم به الدولة لتشجيع الأفراد على وضع أموالهم في البنوك، وبهذا ترتفع العوائد.

وتكمل أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان، أما بالنسبة للمستثمر فهذه تسمى تكلفة أموال، لأنه كلما كانت الفائدة عالية يتجه المستثمر للاستثمار، علمًا بأن الكثير من الناس لها ودائع بنكية، وعندما يرون ارتفاع الفائدة يسارعون إلى فك ودائعهم حتى ولو بالخسارة، ويضعونها في أوعية ادخارية سعر الفائدة فيها عالٍ، لأن القدرة الشرائية قلَّت ونحن في حاجة لوجود سيولة، والمشكلة في عدم توافر السيولة، بسبب معدلات التضخم العالية.

وتقول: إن هناك سبباً آخر في ارتفاع معدلات التضخم، وهو ارتفاع تكلفة عوامل الإنتاح، فغالبية عناصر الإنتاج عندنا مستوردة، ومن الطبيعي في هذا الوقت أن نلاحظ وجود تضخم في الخارج، وكأننا بهذه الطريقة نستورد التضخم، وكذلك من الأسباب المهمة هي قلة توافر العُملة الأجنية وندرتها.

تضيف: أن ذلك ساعد على رفع سعر الصرف، وبهذا نجد أن السلعة التي كنا نستوردها بسعر 16 و18 دولاراً على سبيل المثال، الآن نستوردها بـ50 دولاراً، وهذا بكل تأكيد يرفع التكاليف، ويواكب التضخم البطالة خصوصًا في عنصر العمل، مما يقلل نسبة المبيعات، وارتفاع التكاليف، وارتفاع الأسعار، مما يضطرهم للقيام بقفل خطوط إنتاج، والتخلي عن عمالة، وهذا يؤدي إلى بطالة.

ورأت أن خروج المستثمرين من السوق بسبب تلك العوامل، وليس بسبب أن الدولة لا تُشجعهم، بالعكس الدولة في أمس الحاجة أن يكون هناك زيادة في الإنتاج، وزيادة في العرض، وبالتالي يقل الضغط على العرض، وأن الطلب يوازي إلى حدٍ ما العرض، مما يتسبب في تقليل الأسعار، لكن للأسف الظروف غير مواتية وليست في صالحنا أبدًا، نتيجة لذلك معظم الشركات نجدها تهرب إلى بيئة مواتية، وآمنة، بيئة بها استقرار، وهذا طبعًا يضر بالسوق المصري جدًا.

أما ما يخص التصدير، فقالت الدكتور منال خيري أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان، أن هناك حوافز تصدير، لكن الفكرة هنا، هل هناك إنتاج حتى تتم عملية التصدير؟ بالإضافة إلى أن هناك متطلبات كثيرة جدًا على التصدير، أهمها مواءمة المعايير البيئية، ومن وجهة نظري أجد أن الدولة لا تهمل عملية التصدير بل تشجعه، وتنادي بتوفير بدائل للواردات حتى يتم توفير العملة الصعبة، ولكن للأسف نجد أن التصنيع غير قادر على أن يواكب هذه المتطلبات، في ظل ارتفاع التكلفة، وكذلك متطلبات السوق الخارجي أو الأسواق العالمية.

وعن ارتفاع سعر الدولار، تضيف: لا أستطيع أن أحكم عليه لأنه قد يكون ارتفاعاً وقتياً بسبب نقص المعروض منه أمام العملة المحلية، وقد يعود استقرار سعره في أي وقت، وذلك إذا توافرت سيولة دولارية من أي مصدر، كعوائد العمالة الخارجية، والتصدير، وهذا لا أستطيع أن أحكم عليه، على الأقل في الوقت الحالي، ومتوقع في العام المقبل تحسن المناخ، على أساس حسابات معدلات التضخم، على أساس تغير سنة الأساس.

واستدل على ذلك بارتفاع معدلات التضخم، معقبة: عندما أنسب سنة المقارنة وهي سنة 2025، وسنة الأساس هي 2024، فهذا حسابياً يقلل معدلات التضخم، وعندما تقل معدلات التضخم ممكن أن أقلل من سعر الفائدة، وتقليل أسعار الفائدة يشجع الاستثمار نسبياً، وتشجيع الاستثمار يخلق بدائل للواردات، إمكانية التصدير، هناك أشياء كثيرة يمكن أن توفر عملية الضغط على الدولار، أما عن الحكم على أن الدولار سيرتفع، فأقول: لا أستطيع الحكم عليه الآن، وهذا يريد منا أن نفهم هل هذه أزمة مؤقتة، وهذا في توقعي أنه سيكون في فترة قصيرة.

وعن مناخ وحوافز الاستثمار، قالت: نعم أجدها مشجعة، والدولة قامت بما عليها، ولكن الأوضاع غير مساعدة وليست في صالحنا على الإطلاق، وهذا كمن قام بتأسيس مصنع بكل وسائل التكنولوجيا وهو لا يوجد لديه عمالة ماهرة، فهنا نجد أن المشكلة ليست في الدولة، ولكن في الظروف التي فرضت عليها، كما أرى عدم اليقين الذي يحجم على الخوف في أخذ أي قرار، سواء قرار بالاستثمار، أو بالشراء، وهذا يعود كما أسلفت للأوضاع المحلية والاقليمية.

وأضافت “خيري” إن التحديات التي تواجه القطاع الخاص تتمثل في انخفاض القدرة الشرائية، ارتفاع عناصر تكلفة الإنتاج، ارتفاع معدلات التضخم، الحروب الموجود في المنطقة، وكذلك ارتفاع سعر الفائدة، وننتظر في العام الجديد أن تتحسن الأحوال، مع أنني أرى أن ظروف المنطقة لا تبشر بخير، وهذا ما شعرنا به من خلال خطابات الرئيس، وهو يقول خلوا بالكم، خلو بالكم، لأن فعلا الجميع ينتظر سقوط مصر.

وطالبت بالتكاتف معاً والوقوف صفًا واحدًا من أجل بقاء الدولة، وطبعاً سقوط الدولة يأتي بعد أسباب كثيرة، منها إضعاف مؤسسات الدولة من الأساس، وانعدام الكفاءءة في اختيار القيادات، كذلك استشراء الفساد الذي ما زالت جذوره عتية في الدولة، مع الاعتراف بانخفاضها لكنها لا تنتهي.

واختتمت: كذلك وجود مشاكل كثيرة مثل ملف التعليم، وهو ملف خطير جدًا، لأنه ليس هناك من يفرز لنا المبدعين والكفاءات غير التعليم، وهو يُعد من حاضنات الأعمال التي تشجع المبدعين والمبتكرين، وتقوم بعمل دراسات الجدوى، والتمويل، وما إلى ذلك في المشروعات الصغيرة الابتكارية، وهذا في بعض الأحيان يواجه ضغطاً ممن يقومون بالهدم في الداخل، ونحن في انتظار أن تهدأ المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights