جامعة الأزهر.. منارة الإسلام الوسطي في مواجهة التطرف

منذ تأسيسها في القرن العاشر الميلادي على يد الفاطميين، شكلت جامعة الأزهر أحد أبرز معاقل التعليم الإسلامي في العالم على مدار أكثر من ألف عام، لعبت الجامعة دورًا أساسيًا في نشر تعاليم الإسلام الوسطي، وتعزيز التسامح، وترسيخ قيم السلام، مع مواجهة الأفكار المتطرفة عبر التعليم الديني الصحيح.
مناهج جامعة الأزهر.. وسيلة لترسيخ الاعتدال
تتبنى جامعة الأزهر مناهج تعليمية تزاوج بين علوم الدين التقليدية والعلوم الحديثة، مما يجعلها نموذجًا فريدًا من نوعه.
هذه المناهج تعكس الفهم العميق للنصوص الشرعية مع التركيز على تطويعها لمواجهة تحديات العصر في كليات مثل الشريعة وأصول الدين والدعوة، تُدرس العلوم الدينية بطرق تجمع بين العمق والمرونة، ما يجعل خريجي الأزهر قادرين على تقديم خطاب ديني متزن.
نموذج عملي للتخصص
توفر الجامعة برامج متخصصة في القراءات، الفقه، التفسير، الحديث، مقارنة الأديان، وغيرها. تقول الدكتورة سعاد عبد الحميد، أستاذة الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية: “منهج الأزهر يقوم على المزج بين علوم الشريعة والعقلانية في فهم الدين، ما يعزز مناعة الطلاب ضد الأفكار المتطرفة.”
الأزهريون.. سفراء للتسامح والسلام
خريجو جامعة الأزهر لم يكونوا مجرد طلاب، بل باتوا سفراء لنشر القيم الإنسانية في مجتمعاتهم بعد التخرج.
قصة نجاح في إفريقيا:
أحمد ديالو، أحد خريجي كلية الدعوة، عاد إلى بلاده السنغال، وأطلق مشروعًا لنشر الإسلام الوسطي بين الشباب. يقول ديالو: “تعلمت في الأزهر أن الإسلام يدعو للتعايش واحترام الآخر. حاولت تطبيق هذه المبادئ عبر مبادرات حوارية للشباب في بلادي.”
العمل في المجتمعات الغربية:
مريم الكعبي، طالبة من الإمارات، أسست مركزًا لتعزيز الحوار بين الأديان في دبي بعد تخرجها. تقول مريم: “الأزهر علمني كيف أستخدم العلم والدين معًا لمواجهة التحديات الفكرية المعاصرة.”
مواجهة التطرف بالفكر
خلال اللقاءات مع بعض الطلاب، أشادوا بدور الجامعة في تعزيز قدراتهم على مواجهة الأفكار المتطرفة يقول محمد يوسف، طالب بكلية أصول الدين: “أساتذتنا لا يكتفون بالتعليم التقليدي، بل يركزون على دحض الشبهات بحجج عقلية ومنهجية.”
المؤتمرات والندوات.. رسالة الأزهر للعالم
تنظم جامعة الأزهر العديد من المؤتمرات والندوات التي تهدف إلى نشر قيم التسامح وتعزيز الحوار بين الأديان. ومن أبرز هذه الفعاليات:
مؤتمر الأزهر العالمي للسلام:
ركز المؤتمر على إبراز الإسلام كدين يدعو للسلام، وجمع بين ممثلي مختلف الديانات والثقافات لتعزيز الحوار والتعايش.
الندوات الفكرية المحلية:
تنظم الجامعة ندوات داخل مصر، تهدف إلى تثقيف الشباب حول كيفية التعامل مع الأفكار المغلوطة التي تروجها الجماعات المتطرفة.
استجابة للتحديات العالمية
مع تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا، أطلقت جامعة الأزهر مبادرات إعلامية وثقافية، تضمنت توجيه بعثات دعوية إلى أوروبا وآسيا، لتقديم الصورة الصحيحة عن الإسلام والرد على حملات التشويه.
دور الأزهر في نشر الوسطية دوليًا
على مدار عقود، أرسلت جامعة الأزهر بعثات تعليمية ودعوية إلى مختلف دول العالم تهدف هذه البعثات إلى تدريب الأئمة على نشر خطاب ديني معتدل يقول الدكتور عبد الله الفقي، أحد أعضاء البعثة إلى أوروبا: “حرصنا على تقديم الإسلام كدين يدعو للحوار والاحترام المتبادل نتائج هذه الجهود انعكست في زيادة الوعي بفهم صحيح للإسلام.”
التعاون مع المؤسسات العالمية
عقدت الجامعة شراكات مع منظمات دولية مثل الأمم المتحدة ومؤسسات دينية عالمية لنشر قيم التعايش والسلام، ما عزز مكانتها كمرجعية دينية عالمية.
مواجهة التطرف.. استراتيجيات متكاملة
تطبق الجامعة استراتيجيات شاملة داخل الحرم الجامعي لمواجهة التطرف الفكري، تشمل:
تنظيم حلقات نقاشية تدحض الفكر المتشدد،تقديم دورات تدريبية للطلاب حول كيفية الرد على الشبهات،إنشاء لجان استشارية لمتابعة المشكلات الفكرية التي تواجه الطلاب.
خارج الحرم الجامعي
أطلقت الجامعة قوافل دعوية تجوب القرى والمدن لنشر الوسطية والرد على الشائعات التي تروجها الجماعات المتطرفة.
الأزهر ومستقبل الوسطية
تسعى الجامعة حاليًا إلى تحديث مناهجها بشكل مستمر لتواكب المستجدات الفكرية والاجتماعية، مع الحفاظ على القيم الوسطية التي تميزها.
إعداد أجيال جديدة من الدعاة
من خلال برامجها الأكاديمية والدعوية، تعمل الجامعة على إعداد جيل جديد من الدعاة الذين يحملون لواء الوسطية، ليواصلوا مواجهة تحديات العصر بفكر واعٍ ومنفتح.
الأزهر منارة لا تنطفئ
أثبتت جامعة الأزهر عبر قرون طويلة أنها ليست مجرد مؤسسة تعليمية، بل صرح عالمي لخدمة الإسلام الوسطي، ونشر قيم التسامح والسلام بفضل جهودها المستمرة، تظل الجامعة نموذجًا يُحتذى به في مواجهة التطرف وإعلاء مبادئ التعايش السلمي في عالم يعاني من الانقسامات.