لبنان على مفترق طرق.. ساعات حاسمة قبل انتخاب الرئيس

مع انقضاء أكثر من عامين على الشغور الرئاسي في لبنان، يستعد البرلمان لعقد جلسة حاسمة يوم غد الخميس، في محاولة قد تكون الفاصلة لإنهاء أطول فترة فراغ رئاسي في تاريخ البلاد الحديث.
وبينما يترقب اللبنانيون نتائج هذه الجلسة، يبقى الأمل معلقاً على توافق داخلي مدعوم بضغط دولي لإنهاء الأزمة التي أرهقت المؤسسات وأثرت على الحياة اليومية للمواطنين.
إرث الفشل: 12 جلسة بلا نتائج في عام 2023
يعود المشهد السياسي المتأزم إلى عام 2023، حيث عجز البرلمان اللبناني عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال 12 جلسة متتالية.
وكانت آخر هذه الجلسات قد انعقدت في 14 يونيو 2023، وسط انقسام حاد بين الكتل النيابية، وحصل المرشح جهاد أزعور على 59 صوتاً، فيما نال سليمان فرنجية المدعوم من “حزب الله” 51 صوتاً، دون أن يتمكن أي منهما من تحقيق الأغلبية الدستورية المطلوبة.
هذا العجز المستمر عن انتخاب رئيس كان انعكاساً لأزمة أعمق تتعلق بنظام المحاصصة الطائفية، بالإضافة إلى شلل سياسي واقتصادي يعاني منه لبنان منذ سنوات.
ورغم الجهود الدولية والإقليمية لإيجاد حل، لم يتمكن البرلمان من تجاوز الانقسامات السياسية التي أبقت البلاد في حالة جمود.
خصوصية الانتخابات الرئاسية اللبنانية
الانتخابات الرئاسية في لبنان تتميز بخصوصيتها حيث لا يقدم المرشحون برامج انتخابية أو يعلنون ترشحهم رسمياً وتعتمد العملية على التوافقات السياسية والطائفية.
وغالباً ما يكون الرئيس مستقلاً وغير منتمٍ لأي كتلة نيابية مباشرة خاصة بعد اتفاق الطائف عام 1990 الذي قلص صلاحيات الرئاسة يتطلب الفوز في الانتخابات أغلبية الثلثين في الدورة الأولى.
مما يجعل العملية رهينة للتوافقات بين الكتل النيابية المختلفة كما أن العرف يقضي بأن يكون الرئيس من الطائفة المارونية ما يميز لبنان كالدولة العربية الوحيدة التي يرأسها مسيحي.
وتلعب القوى الإقليمية والدولية دوراً كبيراً في دعم المرشحين أو فرض تسويات وهذا النظام المعقد يؤدي غالباً إلى شغور المنصب لفترات طويلة بسبب صعوبة التوافق الداخلي والضغط الخارجي
مستجدات 2025: تطورات إقليمية تعيد تشكيل المشهد
في خضم التغيرات الإقليمية، أبرزها الحرب الأخيرة بين إسرائيل و”حزب الله” وسقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، طرأت تحولات على موازين القوى المحلية.
هذه التحولات دفعت الأطراف اللبنانية لإعادة النظر في مواقفها، ما زاد من احتمالات التوصل إلى توافق خلال الجلسة المرتقبة.
انسحاب فرنجية وترشيح جوزيف عون
قبل ساعات من الجلسة، أعلن سليمان فرنجية انسحابه من السباق الرئاسي، داعماً قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون.
ويُنظر إلى عون كشخصية تحظى بدعم دولي، لا سيما من الولايات المتحدة، التي استمرت في دعم الجيش اللبناني خلال الأزمات المتتالية.
ولكن ترشيحه يواجه عقبات دستورية، إذ يتطلب انتخابه تعديل الدستور الذي يمنع تعيين مسؤولين حكوميين في المنصب الرئاسي دون استقالتهم مسبقاً.
جهاد أزعور: مرشح وسط أم ورقة مواجهة؟
من جهة أخرى، يبرز جهاد أزعور، المدير الإقليمي لصندوق النقد الدولي، كخيار مدعوم من قوى المعارضة. سبق أن حصل على 59 صوتاً في جلسة 2023، لكنه يواجه معارضة “حزب الله”، الذي اعتبره مرشحاً لمواجهة تحالفه السياسي.
ورغم ذلك، يراه البعض شخصية توافقية قد تساعد في إصلاح الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.
مرشحون آخرون في الأفق
بالإضافة إلى عون وأزعور، تُطرح أسماء أخرى منها:
إلياس البيساري: المدير المؤقت للأمن العام اللبناني.
سمير جعجع: رئيس حزب “القوات اللبنانية”.
إبراهيم كنعان: رئيس لجنة المال والموازنة البرلمانية.
نعمة أفرام: نائب ورئيس المجلس التنفيذي لمشروع “وطن الإنسان”.
هل تنجح الجلسة المنتظرة؟
جلسة 9 يناير 2025 قد تحمل مفاجآت، لكنها بالتأكيد تواجه تحديات، أبرزها استمرار الانقسامات الداخلية والعقبات الدستورية.
وفي ظل ضغط شعبي ودولي متزايد لإنهاء الشغور الرئاسي، تبقى الأنظار معلقة على قبة البرلمان، حيث يأمل اللبنانيون في أن تحمل الساعات المقبلة بارقة أمل لبلادهم التي أنهكتها الأزمات.
تعليق واحد