أخبار

إصلاح تعليم العربية: رؤية جديدة من الأزهر في معرض الكتاب

شهد جناح الأزهر الشريف في الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب إصدارًا مميزًا بعنوان “مشكلة اللغة العربية: لماذا أخفقنا في تعليمها؟ وكيف نُعلمها؟”، تأليف الشيخ الأستاذ محمد عرفة، عضو جماعة كبار العلماء بالأزهر الشريف (توفي 1973م).

يُعد هذا الكتاب، الصادر عن الإدارة المركزية للشؤون الفنية بمشيخة الأزهر، دعوة جادة لإعادة النظر في أساليب تعليم اللغة العربية ومعالجة القصور في هذا المجال.

رؤية إصلاحية لمعضلة تعليم اللغة العربية

يتسم الكتاب بطابع إصلاحي، حيث يركز الشيخ محمد عرفة على قضية جوهرية تتعلق بتعليم اللغة العربية وتعلمها يشير المؤلف إلى الأسباب الرئيسية للإخفاق في تعليم اللغة العربية، والتي يعزوها إلى طريقتي التعليم التقليدية التي سادت في مدارس ومعاهد الشرق في عصره، بالإضافة إلى التعقيد الكامن في قواعد اللغة نفسها.

الكتاب يقترح منهجًا جديدًا لتعليم اللغات عامة، والعربية خاصة، يرتكز على الأسلوب الطبيعي (الفطري). هذا المنهج يهدف إلى تقريب النحو من طبيعة المتحدثين باللغة، ما يُبرز جماليات العربية وسرها بأسلوب سهل ومباشر بعيدًا عن التعقيد.

بين التيسير والتقليد: مقاربة متوازنة

ينتقد الشيخ عرفة الدعوات المتطرفة التي تنادي بتيسير اللغة دون ضوابط، ولكنه في ذات الوقت يدعو إلى تيسير قواعد النحو بأسلوب يحترم طبيعة اللغة ومتعلميها ويرى أن التيسير ضرورة من ضرورات التطور اللغوي، إلا أنه يشدد على ضرورة أن يتم هذا التيسير ضمن إطار يحافظ على هوية اللغة العربية وأصالتها.

العلم كأداة للإصلاح

يدعو المؤلف إلى توظيف العلم في إصلاح أساليب التعليم والتربية، كما يطالب بالاستفادة من التراث العربي بصورة أفضل في معالجة مشكلاتنا العلمية والعقلية ويوضح أن الحلول العلمية يمكن أن تكون أساسًا لتطوير أساليب المعاش والاقتصاد، وحتى السياسة.

منهجية إصلاح تعليم اللغة العربية

يركز الشيخ عرفة على الفكرة المحورية للكتاب، وهي أن تعلم اللغة واكتساب ملكتها لا يتحققان بحفظ القواعد فقط، بل من خلال التكرار والمران المستمر.

يرى المؤلف أن النصوص الأدبية البسيطة والمحفزة تُعد الوسيلة الأهم لتكوين ملكة اللغة لدى المتعلمين، مشددًا على أهمية اختيار نصوص مشوقة مثل القصص الطريفة أو الخطب المؤثرة أو الشعر السلس.

محتويات الكتاب

يضم الكتاب عدة مباحث تناقش أوجه القصور في تعليم اللغة العربية وسبل الإصلاح، ومن أبرز هذه المباحث:

1. عرض الآراء المعاصرة في تيسير اللغة العربية ونقدها: تناول المؤلف أبرز الأفكار الداعية إلى تبسيط اللغة، مع تقديم رؤية نقدية لها.

2. إخفاقنا في تعليم اللغة العربية ونتائجه الخطيرة: دراسة آثار التعليم التقليدي على تدهور مهارات الطلاب اللغوية.

3. أسلوب تعليم اللغة العربية وعيوبه: تحليل الطرق التقليدية في التعليم وبيان أوجه قصورها.

4. اللغة ملكة والملكة لا تُكتسب بالقواعد بل بالتكرار: توضيح أهمية التمرين العملي في تعلم اللغات.

5. المنهج الفطري في تعليم اللغات: اقتراح أسلوب يعتمد على التكرار والمران كوسيلة فعالة لاكتساب اللغة.

6. هل العربية للعرب بالطبيعة؟: نقاش حول طبيعة اللغة ومدى ارتباطها بالفطرة البشرية.

7. إخفاق مدارسنا في تعليم اللغات الأجنبية: مقارنة بين تعليم العربية واللغات الأجنبية، وإبراز أوجه القصور المشتركة.

8. المنهج الجديد في تعليم العربية وفوائده: شرح للأسلوب المقترح لتطوير تعليم اللغة العربية.

9. تذليل صعوبات تعلم اللغة العربية: حلول عملية لتجاوز التحديات التي تواجه الطلاب.

10. دعم خبراء التربية القدامى والمعاصرين لأسلوب التكرار: استعراض الآراء التربوية التي تؤيد هذا النهج.

دعوة لتبني المنهج الجديد

يخلص الكتاب إلى ضرورة تبني منهج تعليمي يقوم على التكرار والمران، مع التركيز على تقديم محتوى أدبي مشوق ومناسب لمستوى الطلاب.

كما يدعو إلى مراجعة المناهج التعليمية وإعادة صياغتها بأسلوب يخدم الأهداف اللغوية والتربوية، ويشجع على توظيف النصوص الأدبية الثرية كوسيلة رئيسية للتعلم.

أهمية الإصدار

يُعد هذا الكتاب مرجعًا قيمًا لكل المهتمين بتطوير أساليب تعليم اللغة العربية، من معلمين وباحثين ومهتمين بالشأن الثقافي فهو لا يكتفي بعرض المشكلات، بل يقدم حلولًا عملية قابلة للتطبيق، مما يجعله إضافة نوعية في مجال الدراسات اللغوية والتربوية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights