
بعد اتفاق الفصائل الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي على وقف إطلاق النار في غزة، مساء أمس الأربعاء، تثار التساؤلات حول مصير جثمان قائد حركة حماس يحيى السنوار، الذي استشهد في منطقة تل السلطان برفح في أكتوبر الماضي.
بموجب اتفاقية الوقف المكونة من ثلاث مراحل، يُتوقع تبادل جثامين الشهداء خلال المرحلة الثالثة، بينما تستمر المرحلة الأولى لمدة 42 يومًا تبدأ الأحد المقبل.
وتؤكد الوساطات المصرية والقطرية والأمريكية أنه سيتم الإعلان عن مصير جثمان السنوار بعد انتهاء المرحلة الأولى، ورغم ذلك، صرحت إسرائيل بأنها لن تسلم جثمانه، معتبرة ذلك أمرًا حاسمًا، حيث قال مصدر إسرائيلي: “لن يحدث هذا، نقطة على السطر”.
ورقة مساومة
يرى اللواء الدكتور سمير فرج، المدير السابق للشؤون المعنوية بالقوات المسلحة المصرية، أن إسرائيل تدرك خطورة تسليم جثمان الشهيد يحيى السنوار لحركة حماس، لما يحمله من رمزية كبيرة.
ويضيف في تصريحات خاصة لـ”اليوم” أن السنوار، الذي نجح في إرباك إسرائيل على مدى عام كامل بفضل قيادته الميدانية واستراتيجيته، سيصبح دفنه في غزة رمزًا للبطولة والمقاومة الفلسطينية.
وأشار اللواء فرج إلى أن إسرائيل تسعى لاستخدام قضية جثمان السنوار كورقة مساومة سياسية، حيث تدرك أن دفنه سيشكل محطة تاريخية تلهم الفلسطينيين وتزيد من عزيمة المقاومة.
وأضاف: “حين يُدفن السنوار في غزة، سيتحول إلى مقبرة ورمز للبطولة التي دوّخت إسرائيل لمدة عام، وستكون له قيمة كبيرة على المستوى الشعبي والوطني”.
المطاردة ومشهد مقتله
يحيى السنوار، الذي أرهق أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، قُتل في رفح بعد مواجهة عنيفة مع القوات الإسرائيلية.
حيث تعرض لإصابة بشظية قبل أن يُقتل برصاصة في رأسه، وقد بثّ الجيش الإسرائيلي مقطع فيديو يظهره جالسًا في غرفة مدمرة وهو يعاني من الإصابة.
الثعلب الاستثنائي
المولود في خان يونس عام 1962، كان السنوار أحد مؤسسي كتائب القسام، واشتهر بذكائه وقيادته الاستثنائية.
الضابط السابق ببجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي ميخا كوبي، الذي استجوب يحيى السنوار لأكثر من 150 ساعة، يصفه بأنه “قاس ومجرد من المشاعر، لكنه ليس سيكوباتياً”. ويضيف: “السنوار رجل شديد الذكاء، ويؤمن تماماً بما يفعله”.
وأُطلق سراحه في صفقة تبادل الأسرى عام 2011، وأصبح قائدًا رئيسيًا لحماس.
صناعة الطوفان
كان السنوار العقل المدبر لعملية “طوفان الأقصى” التي هزت إسرائيل في أكتوبر 2023، ووصفته تل أبيب بـ”صانع الطوفان”، إذ خطط لعملية تهدف إلى إحداث صدمة كبيرة وتغيير ميزان القوى في الصراع.
ورغم إمكانياتها الاستخباراتية المتطورة، فشلت إسرائيل في استهدافه لفترة طويلة بسبب استخدامه أدوات اتصال بدائية واعتماده على شبكة أنفاق معقدة.
إرث السنوار
مقتل السنوار يمثل ضربة لحركة حماس، لكنه يعزز من رمزيته كمقاتل لم يبتعد عن المعركة حتى النهاية، بينما تعتبر إسرائيل اغتياله إنجازًا، فإنها تواجه تحديات متزايدة، خصوصًا في ظل تصاعد المقاومة في غزة.
وبرفضها تسليم جثمانه، تؤكد إسرائيل إدراكها لأهمية السنوار وتأثيره في تعزيز الروح الفلسطينية، في الوقت الذي يبقى فيه إرثه رمزًا للصمود والمقاومة.
تعليق واحد