في خطوة أثارت دهشة المراقبين وسخرية بعضهم، فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوماً جمركية بنسبة 10% على جزيرتي “هيرد” و”ماكدونالد” غير المأهولتين، التابعتين لأستراليا، واللتين تقطنهما طيور البطريق فقط.
هذه الجزر النائية، الواقعة في أقصى جنوب المحيط الهندي قرب القارة القطبية الجنوبية، تُعد من بين أكثر الأماكن عزلة على وجه الأرض، ولا يمكن الوصول إليها إلا عبر رحلة بحرية تستغرق أسبوعين من سواحل أستراليا الغربية.
البطريق تحت نيران ترامب
الخطوة الأميركية شملت كذلك جزيرة “نورفولك” الأسترالية التي يقطنها نحو 2,188 نسمة، وفرضت عليها رسوم جمركية بلغت 29%، ما يفوق بكثير النسبة المفروضة على أستراليا نفسها 10%.
وبالرغم من أن صادرات هذه الجزر إلى الولايات المتحدة لا تكاد تُذكر، إلا أن الإدارة الأميركية أصرت على إدراجها ضمن قائمة الرسوم الجديدة.
وعلّق رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز على القرار ساخراً: “لا مكان على وجه الأرض آمن”، مضيفاً في تغريدة لاذعة أن جزيرة نورفولك لا تُشكل تهديداً للاقتصاد الأميركي العملاق، “ولكن هذا يُجسد الحقيقة: لا أحد بمنأى عن رسوم ترامب”.
البيت الأبيض يبرّر
وزير التجارة الأميركي، هوارد لوتنيك، أوضح أن فرض الرسوم على هذه الجزر يأتي ضمن سياسة شاملة تهدف إلى منع أي تحايل على النظام التجاري الأميركي، مؤكداً أن “لا دول مستثناة من النظام الجمركي الجديد”.
وأضاف: “سئمنا من خداع العالم لنا. نحن بحاجة لصناعة الأدوية، أشباه الموصلات، السفن، الفولاذ… يجب أن نعيد بناء عظمة أميركا في أميركا”.
لكن بعض المراقبين طرحوا تساؤلات جدية حول جدوى فرض رسوم على أراضٍ لا تصدّر أي سلع ذات قيمة للولايات المتحدة.
وصحيفة “الغارديان” البريطانية أشارت إلى أن الجزر لا تضم أي بنى تحتية أو وجود بشري، باستثناء بعض مصائد الأسماك. ووفقاً لبيانات البنك الدولي، فقد بلغت قيمة الواردات الأميركية من تلك الجزر 1.4 مليون دولار عام 2022، معظمها من “الآلات والأجهزة الكهربائية”، ما يثير الشكوك حول الجهة الحقيقية المصدّرة.
خيال الذكاء الاصطناعي
الغريب في الأمر، أن قناة “CBS News” تساءلت صراحةً عمّا إذا كانت هذه القائمة قد وُضعت بمساعدة الذكاء الاصطناعي، نظراً لغرابتها.
لكن الوزير لوتنيك أنكر ذلك بشدة، مشيراً إلى أن القائمة مدروسة تماماً وتهدف لإغلاق جميع الثغرات التي يمكن استغلالها في النظام التجاري.
ورغم أن القرار يبدو رمزياً وربما عبثياً للبعض، إلا أنه يعكس توجهاً أميركياً أكثر تشدداً في فرض الهيمنة التجارية حتى على أبعد نقاط الكوكب، بما فيها تلك التي تسكنها طيور البطريق وحدها.
وبينما تبقى الرسوم المفروضة على هذه الجزر بلا تأثير حقيقي، فإنها تكشف عن نهج ترامب الذي لا يُبقي باباً دون طرقه حتى في القارة القطبية.
