الرئيسيةعرب-وعالم

من الدمار إلى الإعمار.. 51 مليار دولار و15 عامًا لإعادة بناء غزة

بعد 470 يومًا من الحرب الدامية التي خلفت دمارًا هائلًا وخسائر بشرية ومادية لا تُحصى، دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، لتبدأ غزة مرحلة جديدة من التحديات، حيث تبرز مهمة شاقة تلوح في الأفق: إعادة إعمار القطاع الذي دمرته آلة الحرب الإسرائيلية.

ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، فإن إعادة غزة إلى ما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر 2023 قد تستغرق ما يصل إلى 350 عامًا، في ظل استمرار الحصار المفروض على القطاع. هذه التقديرات الصادمة جاءت في تقرير صدر في سبتمبر 2024، والذي أشار إلى أن الاقتصاد الغزاوي فقد ما يعادل ثلاثة قرون ونصف من النمو ليعود إلى مستويات الناتج المحلي الإجمالي التي كانت قائمة قبل الحرب.

 الخسائر البشرية والمادية: أرقام مفزعة

لم تكن الخسائر المادية وحدها هي ما خلفته الحرب، بل تجاوزتها خسائر بشرية فادحة. فقد بلغ عدد الشهداء أكثر من 46 ألف شهيد، بينما تجاوز عدد الجرحى 110 آلاف، ناهيك عن آلاف المفقودين والجثث التي لا تزال تحت الأنقاض. هذه الأرقام تعكس حجم المأساة الإنسانية التي عاشها سكان غزة، الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة معركة جديدة بعد انتهاء الحرب: معركة إعادة البناء.

 إعادة الإعمار: مهمة شبه مستحيلة

تعتبر إعادة إعمار غزة مهمة شبه مستحيلة في ظل الظروف الحالية. فبحسب التقديرات الدولية، سيستغرق إعادة بناء البنية التحتية والمباني المدمرة حوالي 15 عامًا، بتكلفة تتجاوز 51 مليار دولار. وتشير البيانات إلى أن كمية الركام الناتجة عن الدمار في غزة تبلغ نحو 42 مليون طن، وهو ما يعادل خطًا من الشاحنات يمتد من غزة إلى آخر نقطة في أميركا، أو من نيويورك إلى سنغافورة.

وتكلفة نقل هذا الركام وحده تصل إلى حوالي 700 مليون دولار، وهي عملية قد تستغرق ما بين 15 إلى 30 عامًا، اعتمادًا على عدد الشاحنات العاملة ونظام العمل المستمر. هذه الأرقام تعكس حجم التحديات التي تواجه غزة في مسيرتها نحو إعادة الإعمار.

راح نرجع ونعمرها: إرادة التحدي

رغم كل هذه الصعوبات، تظل عبارة “راح نرجع ونعمرها” حاضرة في أفواه الغزاويين، تعبيرًا عن إرادة التحدي والصمود التي تميز هذا الشعب. فبالرغم من الدمار الهائل والمعاناة الإنسانية، يبدو أن الأمل في إعادة البناء لا يزال قائمًا، وإن كان الطريق طويلًا وشاقًا.

التحديات المستقبلية

إعادة إعمار غزة لا تقتصر فقط على إعادة بناء المباني والبنية التحتية، بل تشمل أيضًا إعادة تأهيل الاقتصاد المحلي، ودعم الناجين من الحرب، وإعادة بناء المؤسسات الاجتماعية والتعليمية والصحية التي دمرتها الحرب. كما أن استمرار الحصار المفروض على القطاع يزيد من تعقيد المهمة، حيث يحد من قدرة غزة على استيراد المواد اللازمة للبناء ويعيق حركة العمالة والخبرات.

نداء دولي

في ظل هذه التحديات، يبدو أن غزة بحاجة إلى دعم دولي كبير لتحقيق عملية إعادة الإعمار. فبدون مساعدة مالية وفنية من المجتمع الدولي، ستظل المهمة شبه مستحيلة. وتتطلع غزة إلى أن تتحول التصريحات الدولية الداعمة إلى أفعال ملموسة، تمكنها من البدء في مسيرة إعادة البناء.

غزة اليوم تقف على مفترق طرق، حيث تلوح في الأفق مهمة إعادة الإعمار التي تبدو شاقة للغاية. لكن إرادة الشعب الغزاوي وإصراره على البقاء والصمود تظل أقوى من كل الدمار. فبالرغم من التحديات الهائلة، يبقى الأمل في أن تعود غزة أقوى مما كانت، وأن تتحول جراح الحرب إلى درس للعالم في قوة الإرادة الإنسانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى