أستاذ شريعة: الأوراد والذكر نور إلهي يُهدي الله به عباده

أكد الدكتور محمد مهنا، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، أن الأوراد والذكر هما نور إلهي يمنحه الله لعباده، مشددًا على ضرورة عدم استحقار أي عبد يخصه الله بهذا الفضل، حتى وإن لم تظهر عليه سمات المحبين أو العارفين بالله. جاء ذلك خلال حلقة برنامج “الطريق إلى الله”، المذاع على قناة “الناس”، حيث تناول مهنا مفهوم الأوراد والذكر ودورهما في حياة المؤمنين.
أوضح مهنا أن الالتزام بالعبادة والذكر ليس أمرًا عاديًا أو مجرد عادة، بل هو نتيجة لنور إلهي يفتح الله به على قلوب عباده.
وقال: “من يقبل على الأوراد والذكر، لا بد أن يكون قد نال من الله نورًا، فهذا النور هو الذي يجعله مستمرًا في العبادة ومخلصًا في ذكر الله”.
الأوراد ليست مجرد مظاهر.. بل دليل على فضل الله
تحدث مهنا عن ضرورة عدم التسرع في الحكم على الأشخاص بناءً على مظهرهم الخارجي أو طريقة أدائهم للعبادات.
وأكد أن الأوراد والذكر ليست مجرد عبادات ظاهرية، بل هي نتيجة لفضل من الله يُكرم به عباده.
وأضاف: “ليس شرطًا أن تظهر على الشخص سيماء العارفين أو بهجة المحبين حتى يكون قد نال من الله فضلًا عظيمًا. فالذكر والعبادة هما علاقة خاصة بين العبد وربه”.
أهل الولاية: بين الخدمة والمحبة
قسم مهنا أهل الولاية إلى نوعين رئيسيين: “ذوي الخدمة” و”ذوي المحبة”.
وأوضح أن “ذوي الخدمة” هم الذين يلتزمون بالأوراد والعبادات، بينما “ذوي المحبة” هم أولئك الذين اختصهم الله بعلاقة خاصة قوامها الحب والمعرفة.
وأكد أن كلا النوعين يتمتعان بفضل الله، قائلاً: “المحبة والكرامة لا تقتصر على أهل الأوراد الملتزمين فقط، بل تشمل أيضًا المحبين والعارفين الذين يربطهم حب صادق وعميق مع الله”.
الطريق إلى الله: بين الكرامة والاستقامة
وفي معرض حديثه عن الطرق التي يصل بها الإنسان إلى الله، قال مهنا إن هناك من يصل إلى الله بالكرامة، وهناك من يصل إليه بالاستقامة. وأوضح: “الكرامة هي فضل إلهي يمنحه الله لعباده دون جهد منهم، أما الاستقامة فهي طريق يتطلب التزامًا بالمبادئ الدينية وسعيًا صادقًا نحو الله”. وأضاف أن كل طريق له ميزته، وأن الله يختار لعباده ما يناسبهم وفق حكمته وعدله.
الفئات المختارة لخدمة الله: عباد وزهاد ونساك
تناول مهنا الحديث عن الفئات التي يختارها الله لخدمته، موضحًا أنهم ينقسمون إلى ثلاث فئات رئيسية: العباد، الزهاد، والنساك.
وقال: “العابد هو الذي يكرس حياته لعبادة الله، بينما الزهاد هم الذين يزهدون في الدنيا وينشغلون بالآخرة، والنساك هم الذين يتحرون الفضائل ويسعون لتحقيقها”.
وأضاف أن الزهد ليس انسحابًا من الدنيا، بل هو طريقة لتحرير النفس من مشاغل الحياة حتى يتمكن المؤمن من التفرغ لعبادة الله والعمل الصالح.
وأكد أن الزهد يتطلب توازنًا بين الروح والعمل، بحيث لا يتحول إلى انعزال عن المجتمع.
رسالة الإخلاص والنية الصادقة
اختتم الدكتور محمد مهنا حديثه برسالة موجهة إلى كل من يسعى في طريق الله، داعيًا المؤمنين إلى الإخلاص في نياتهم والعمل بصدق في سبيل الله.
وأكد أن الطريق إلى الله يتطلب جهدًا حقيقيًا وإصرارًا على تجاوز العقبات، مع التمسك بذكر الله والأوراد باعتبارهما مفتاحًا لنور الله وهدايته.
وأشار إلى أن الله يفتح أبوابه لكل من يسعى إليه بصدق، وأن الفضل الإلهي لا يقتصر على فئة دون أخرى، بل يشمل كل من يخلص النية ويعمل لله.