صلاة الاستسقاء: درس في التضرع والتقرب إلى الله في أوقات الشدائد

أكد الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن صلاة الاستسقاء تعدّ من السنن النبوية التي شرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتأتي كوسيلة للتقرب إلى الله وطلب رحمته عند امتناع نزول المطر. وأوضح الشيخ أن هذه الصلاة تحمل في طياتها رسالة روحية عظيمة تُعلّم المسلمين كيفية اللجوء إلى الله والتضرع له في الأوقات العصيبة.
وخلال حديثه في برنامج “فتاوى الناس”، الذي يقدمه الإعلامي مهند السادات على قناة الناس، أشار الشيخ كمال إلى أن هذه الصلاة تحمل طابعًا خاصًا لما تتضمنه من توبة واستغفار ودعاء، وهي فرصة للمسلمين لمراجعة أنفسهم وتوطيد صلتهم بالله عز وجل.
مشروعية صلاة الاستسقاء: سنة نبوية تجمع القلوب
أوضح أمين الفتوى أن صلاة الاستسقاء شرعت عندما تعرض المسلمون في المدينة المنورة للجفاف وامتنع نزول المطر.
وفي ذلك الموقف، خرج النبي صلى الله عليه وسلم مع الصحابة رضوان الله عليهم بعد شروق الشمس ليؤدوا هذه الصلاة، مستشهدًا بالسنة النبوية التي بينت كيفية أدائها.
وقال الشيخ كمال: “صلاة الاستسقاء تؤدى في وقت غير مكروه، وتأتي كاستجابة لموقف يحتاج فيه الناس إلى رحمة الله في هذا المشهد، يظهر النبي صلى الله عليه وسلم وهو يجمع الناس على التضرع والدعاء، ويعلمنا أهمية اللجوء إلى الله في الشدائد.”
كيفية أداء صلاة الاستسقاء: بين الاختلاف والاتفاق
تناول الشيخ محمد كمال مسألة كيفية أداء صلاة الاستسقاء، مشيرًا إلى وجود خلاف بين العلماء حول طريقة أدائها.
وقال: “يرى بعض العلماء أن صلاة الاستسقاء تشبه صلاة العيد في تكبيراتها وطريقتها، بينما يرى آخرون أنها مثل صلاة الضحى. ورغم هذا الاختلاف، فإن الأساس في هذه الصلاة هو التضرع والدعاء والتوبة.”
وأضاف: “الإمام أثناء الصلاة يركز على الإكثار من الدعاء والاستغفار، ويوجه الناس إلى ضرورة التوبة ورد المظالم، لأن ذلك يعدّ جزءًا من الاستعداد لقبول دعاء الله وإنزال المطر.”
الدعاء: عبادة أساسية في صلاة الاستسقاء
شدد الشيخ كمال على أهمية الدعاء خلال صلاة الاستسقاء، معتبرًا إياه جوهر العبادة في هذه الشعيرة الدينية.
وأوضح: “الدعاء هو العبادة كما ورد في القرآن الكريم، ومن خلاله نتعلم أن نلجأ إلى الله في كل أمر يحدث لنا، كبيرًا كان أو صغيرًا.
صلاة الاستسقاء تحمل هذا المعنى العميق، حيث يجتمع المسلمون على التضرع لله وطلب رحمته.”
وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم علم المسلمين من خلال هذه الصلاة أن الله هو الملجأ الوحيد في كل الأوقات، وأن التعلق بالله هو السبيل للتغلب على الشدائد والمحن.
صلوات التضرع: باب مفتوح للتقرب إلى الله
أكد الشيخ محمد كمال أن صلاة الاستسقاء ليست الصلاة الوحيدة التي تحمل هذا الطابع الروحي العميق، مشيرًا إلى أن الإسلام شرع العديد من الصلوات الأخرى مثل صلاة الكسوف والخسوف وصلاة قضاء الحاجة وصلاة الاستخارة، وكلها تهدف إلى تقوية العلاقة بين المسلم وربه.
وقال: “هذه الصلوات تجعل المسلم دائمًا في حالة تواصل مع الله، وتعلمنا أن الله وحده هو من يفرج همومنا ويجيب دعاءنا هذه العبادات تبني علاقة إيمانية قوية مع الله، وهي دعوة لكل مسلم ليكون على صلة دائمة بخالقه.”
دعوة للتضرع والعودة إلى الله
ختتم الشيخ كمال حديثه بالدعوة إلى التمسك بالسنن النبوية وأداء صلاة الاستسقاء في أوقات الشدة، مؤكدًا أن هذه الصلاة تعلم المسلمين التواضع أمام الله، وتجدد الإيمان بقدرته على تغيير الحال.
كما دعا إلى اغتنام كل فرصة للتقرب إلى الله من خلال الصلوات المختلفة، والتأكيد على أن الله هو الملاذ الأول والأخير في جميع الأوقات.