الأزهر يعزز روح الوحدة الإسلامية بكتاب أهل “القبلة كلهم موحدون”

يواصل الأزهر الشريف رسالته التنويرية في نشر الفكر الوسطي وتعزيز الوحدة بين المسلمين، حيث يقدِّم جناحه في معرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ56، كتاب “أهل القِبْلَةِ كُلهم موحدون”، من تأليف فضيلة الشيخ محمد زكي إبراهيم، والذي يعدّ من أبرز إصدارات مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف.
يهدف الكتاب إلى التأكيد على أن جميع المسلمين – رغم اختلاف مذاهبهم – إخوة في الدين، تجمعهم كلمة التوحيد والقبلة الواحدة، وهو ما يعكس النهج الأزهري في نبذ التعصب المذهبي والدعوة إلى التعايش وقبول التنوع الفقهي.
وحدة الأمة بين النصوص الشرعية والواقع الفقهي
في مقدمة الكتاب، يستشهد المؤلف بالآية القرآنية: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [المؤمنون: ٥٢]، موضحًا أن أهل القبلة جميعًا إخوة، ولا يجوز أن يكون هناك خصومة أو عداوة بين أتباع المذاهب الإسلامية المختلفة، سواء كانوا من الحنفية، أو المالكية، أو الشافعية، أو الحنابلة، أو الزيدية، أو الإمامية، أو الظاهرية، أو الإباضية وغيرهم.
ويشير الشيخ محمد زكي إبراهيم إلى أن الاختلاف في الفروع الفقهية أمر طبيعي وحتمي، مؤكدًا أن الوحدة لا تعني تطابق الآراء، بل تعني احترام التنوع الفقهي وقبول الاجتهادات المختلفة، طالما أن الجميع يستند إلى القرآن الكريم والسنة النبوية.
احترام الأئمة لبعضهم البعض نموذج يحتذى به
يلفت المؤلف إلى أن كبار أئمة المذاهب الإسلامية كانوا يحترمون اجتهادات بعضهم البعض، ولم يكن بينهم أي شكل من أشكال التعصب أو الإنكار.
ويذكر في هذا السياق عدة أمثلة تؤكد هذا النهج، منها:
الإمام الشافعي، الذي صلى عند قبر الإمام أبي حنيفة وفقًا لمذهبه، احترامًا لمكانته العلمية.
الإمام أبو يوسف، أحد كبار فقهاء الحنفية، قلد الإمام مالكًا في بعض المسائل.
الإمام أحمد بن حنبل صلى خلف بعض أئمة القدرية رغم اختلافهم في بعض المسائل العقدية.
ويشدد الكاتب على أن العلماء الكبار لم يكن هدفهم إثبات صحة مذهبهم فقط، بل كان جلّ اهتمامهم الوصول إلى الحق، حتى لو كان مع غيرهم، موضحًا أن أي مذهب فقهي لا يمكن أن يكون كله صوابًا أو كله خطأ.
محتوى الكتاب: ستة أبواب تناقش قضايا الخلاف والتكفير
يتألف الكتاب من ستة أبواب رئيسية، يعالج كل منها قضية محورية تتعلق بالخلافات المذهبية والتكفير، وهي:
1. قضية الخلافات المذهبية وأسبابها وكيفية التعامل معها.
2. 28 حديثًا نبويًا مؤكدًا تثبت أن أهل القبلة ليسوا كفارًا أو مشركين، حتى لو وقعوا في المعاصي أو خالفوا بعض الأحكام.
3. آراء كبار العلماء في رفض التكفير والتبديع، ومنهم ابن تيمية، وابن القيم، وابن قدامة.
4. التحذير من إسقاط آيات الكفار على المسلمين، حيث يوضح الكاتب خطورة إسقاط الآيات التي نزلت في الكفار والمشركين على أهل الإسلام، مشيرًا إلى أن ذلك يؤدي إلى التشدد والتطرف.
5. تحقيق حديث افتراق الأمة، وشرح حديث “خَط رسول الله خَطًّا”، مع تصحيح بعض المفاهيم الشائعة حولهما.
6. تاريخ محاولات توحيد المسلمين في مصر، عبر استعراض جهود العلماء في العصر الحديث لتعزيز التقارب بين مختلف الطوائف الإسلامية.
رسالة الأزهر: الإسلام دين وحدة وليس تفريقًا
يعكس كتاب “أهل القبلة كلهم موحدون” توجه الأزهر الشريف في نشر الوعي الديني الصحيح، والتأكيد على أن الإسلام دين وحدة وسلام، وليس ساحة للنزاعات والخلافات.
ويأتي طرح هذا الكتاب في معرض القاهرة الدولي للكتاب ليكون دعوة مفتوحة لجميع المسلمين لنبذ الفرقة، والتمسك بروح الأخوة الإسلامية التي تجمعهم تحت راية “لا إله إلا الله، محمد رسول الله”.