وكيل الأزهر: الأزهر قوة ناعمة عالمية لنشر الوسطية وترسيخ المواطنة

أكد فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، خلال محاضرته لشباب الدفعة الثالثة من برنامج الدبلوماسية الشبابية الذي تنظمه وزارة الشباب والرياضة، أن الأزهر الشريف يُعد أقدم وأهم مؤسسة دينية وتعليمية ذات رسالة عالمية، مضيفًا أنه منذ أكثر من ألف عام، ظل الأزهر منارة للعلم والعلماء، وقبلة للطلاب من جميع أنحاء العالم، دون أن ينحرف عن منهجه الوسطي المعتدل في فهم القرآن والسنة.
وأوضح الدكتور الضويني أن الأزهر لم يتوقف يومًا عن أداء رسالته التاريخية، مؤكدًا أنه مؤسسة وطنية بامتياز، تحظى بتقدير واحترام كبيرين من الدولة والشعب المصري، لافتًا إلى أن دوره لم يقتصر على نشر العلوم الشرعية فقط، بل كان دائمًا في مقدمة القوى الوطنية المدافعة عن استقلال مصر ومواجهة أطماع المستعمرين.
التعليم الأزهري.. نظام شامل يجمع بين العلوم الشرعية والعصرية
استعرض وكيل الأزهر جهود المؤسسة في مختلف قطاعاتها التعليمية، مشيرًا إلى أن التعليم الأزهري يتضمن:
التعليم قبل الجامعي، الذي يضم أكثر من 11 ألف معهد أزهري موزعين في جميع محافظات مصر، ويحتضن نحو 3 ملايين طالب يدرسون القرآن الكريم والعلوم الشرعية إلى جانب مناهج وزارة التربية والتعليم واللغات الأجنبية.
التعليم الجامعي، حيث تضم جامعة الأزهر 96 كلية في مختلف التخصصات، من بينها كليات الطب والهندسة والصيدلة والتجارة واللغات، بالإضافة إلى الكليات الشرعية مثل أصول الدين والشريعة والقانون.
يدرس في الجامعة نحو 450 ألف طالب مصري، بالإضافة إلى 60 ألف طالب وافد من أكثر من 120 دولة حول العالم، يحصلون على تعليمهم وإقامتهم مجانًا على نفقة الدولة المصرية، وهو ما يعزز الدور الريادي لمصر في نشر العلم والدين الوسطي عالميًا.
وأكد الدكتور الضويني أن الأزهر يطور مناهجه باستمرار لمواكبة المستجدات العلمية والتكنولوجية، وتخريج طلاب قادرين على مواجهة تحديات العصر بفكر وسطي مستنير.
إحياء دور الأروقة الأزهرية.. نقلة نوعية في نشر الفكر الوسطي
أشاد وكيل الأزهر بجهود الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب في إحياء دور أروقة الجامع الأزهر، موضحًا أنها توسعت حتى بلغ عددها 1250 رواقًا في مختلف المحافظات، يستفيد منها 200 ألف طالب علم مجانًا.
وأشار إلى أن هذه الأروقة أسهمت في نشر الفكر الأزهري بين فئات المجتمع المختلفة، وترسيخ مفاهيم الإسلام الصحيح بعيدًا عن التطرف والغلو، مما جعلها منصة رئيسية لتعزيز التواصل بين الأزهر والمجتمع المصري.
الرسالة الدعوية للأزهر.. جهود مكثفة لمواجهة التطرف وتصحيح المفاهيم
تحدث الدكتور الضويني عن الدور الدعوي للأزهر، والذي يشمل عدة قطاعات رئيسية، أبرزها:
مجمع البحوث الإسلامية، الذي يضم 4000 واعظ وواعظة مدربين على تقديم الخطاب الديني المعتدل، ويقوم بإيفاد المبتعثين لنشر صحيح الدين في مختلف دول العالم.
مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، الذي يعمل بأكثر من 10 لغات لمتابعة وتحليل الفكر المتطرف عالميًا، وكان له دور بارز في مواجهة أفكار داعش والتصدي للخطاب التكفيري.
مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، الذي يعمل على تصحيح المفاهيم المغلوطة، ويقدم الفتاوى الشرعية عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية لمواجهة فوضى الفتاوى المتطرفة.
أكاديمية الأزهر لتأهيل الدعاة، التي تقدم برامج تدريبية للأئمة والوعاظ لمساعدتهم على مواجهة الأفكار الهدامة وتعزيز ثقافة التعايش السلمي.
بيت العائلة المصرية.. نموذج للتعايش والمواطنة
تطرق وكيل الأزهر إلى دور “بيت العائلة المصرية” في ترسيخ قيم المواطنة وتعزيز النسيج الوطني بين المسلمين والمسيحيين، موضحًا أنه كان عاملًا حاسمًا في حل العديد من المشكلات المجتمعية، وساهم في التصدي لمحاولات إثارة الفتنة الطائفية.
وأشار إلى أن نجاح “بيت العائلة” على المستوى المحلي دفع الأزهر إلى توسيع التجربة عالميًا، مما أدى إلى توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية في أبوظبي عام 2019 بين الإمام الأكبر والبابا فرنسيس، والتي اعتمدتها الأمم المتحدة ليكون 4 فبراير يومًا دوليًا للأخوة الإنسانية.
الأزهر والقوة الناعمة.. دعوة الشباب لاستثمار التأثير العالمي
اختتم الدكتور الضويني محاضرته بدعوة شباب الدبلوماسية إلى استغلال القوة الناعمة التي يمثلها الأزهر عالميًا، مؤكدًا أن الأزهر يقيم علاقات قوية مع الفاتيكان وكنيسة كانتربري ومجلس الكنائس العالمي، ويعمل على تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام، من خلال الحوار بين الأديان وتعزيز السلام العالمي.
وشدد على أن الأزهر ليس مجرد مؤسسة دينية، بل هو قوة فكرية وحضارية تمثل مصر في العالم، داعيًا الشباب إلى دعم هذه الرسالة والاستفادة منها في تمثيل مصر خارجيًا بصورة مشرفة.