رئيسة صندوق النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يهدد ملايين الوظائف والعالم أمام تحدٍ مصيري

بات الذكاء الاصطناعي أحد أكثر العوامل تأثيرًا في إعادة تشكيل سوق العمل العالمي، حيث يهدد بإحداث تغييرات جذرية في هيكلة الوظائف، مما يفرض تحديات كبيرة على الحكومات والعمال وأصحاب الأعمال. وخلال القمة العالمية للحكومات في دبي، حذّرت كريستالينا جورجيفا، مديرة صندوق النقد الدولي، من أن الذكاء الاصطناعي سيؤثر على 60% من الوظائف في الاقتصادات المتقدمة، معتبرةً أن تأثيره سيكون أشبه بتسونامي اقتصادي.
وأشارت جورجيفا إلى أن تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف لن يكون متساويًا عبر مختلف الدول، حيث ستواجه الاقتصادات المتقدمة التأثير الأكبر، بينما ستكون الاقتصادات النامية والدول منخفضة الدخل أقل تأثرًا نسبيًا.
وسيكون التأثير حسب مستوى الاقتصاد هو أن الاقتصادات المتقدمة: 60% من الوظائف ستتغير أو تصبح أكثر كفاءة أو تختفي والاقتصادات النامية: 40% من الوظائف ستتأثر بالذكاء الاصطناعي أما الدول منخفضة الدخل:سيكون 26% فقط من الوظائف ستتأثر، لكن سيكون لها تبعات اقتصادية مختلفة.
وفي حين أن الاقتصادات المتقدمة ستتمكن من استخدام الذكاء الاصطناعي لرفع الإنتاجية وخلق فرص عمل جديدة، فإن الدول النامية ستواجه تحديات تتعلق بالبنية التحتية ونقص المهارات، مما قد يعمّق الفجوة الاقتصادية بين الدول.
القمة العالمية للحكومات في دبي: منصة للنقاش حول مستقبل العمل
انطلقت فعاليات القمة العالمية للحكومات 2025 في إمارة دبي بمشاركة أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة ، 140 حكومة و80 منظمة دولية وإقليمية. بالإضافة إلي 6000 مشارك من صناع القرار والخبراء العالميين.
وتركّز القمة على مناقشة التحديات المستقبلية كالتغير المناخي، التحول الرقمي، والتنمية الاقتصادية، مع تخصيص جلسات خاصة لبحث تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل وكيفية تكيّف الحكومات مع هذا التغير السريع.
تداعيات الذكاء الاصطناعي على سوق العمل
أصبح الذكاء الاصطناعي عاملاً رئيسيًا في إعادة تشكيل سوق العمل، حيث يساهم في تعزيز الكفاءة وزيادة الإنتاجية في العديد من القطاعات المختلفة ، كما يتيح فرصًا جديدة للنمو من خلال خلق وظائف في مجالات التكنولوجيا والبرمجة وتحليل البيانات ، إضافة إلى ذلك، يساعد الذكاء الاصطناعي الشركات في تقليل التكاليف التشغيلية وتعزيز الابتكار، مما يجعل العمليات أكثر كفاءة وربحية.
ورغم الفوائد الكبيرة للذكاء الاصطناعي، إلا أنه يحمل في طياته تحديات كبيرة، أبرزها فقدان ملايين الوظائف التقليدية مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة، خاصة في الوظائف اليدوية والروتينية. كما أن التحولات الكبيرة التي يجلبها الذكاء الاصطناعي تتطلب من القوى العاملة إعادة التأهيل واكتساب مهارات جديدة لمواكبة التغييرات المتسارعة في سوق العمل.
كيف يمكن للدول مواجهة التحديات؟
لمواجهة تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، يتوجب على الدول اتخاذ عدة إجراءات، أهمها: أولاً الاستثمار في التعليم والتدريب ، حيث يجب على الحكومات توفير برامج تعليمية حديثة تركز على المهارات الرقمية والذكاء الاصطناعي، لضمان جاهزية القوى العاملة لسوق العمل الجديد ، ثانياً تبنّي سياسات حماية اجتماعية حيث ينبغي وضع خطط لدعم العاملين الذين قد يفقدون وظائفهم مثل توفير إعانات بطالة وبرامج إعادة توظيف. ثالثاً تحفيز الابتكار وريادة الأعمال ،فمن الضروري خلق بيئة مشجعة لنمو الشركات الناشئة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، مما يساهم في توليد فرص عمل جديدة ، رابعاً التعاون الدولي فتبادل المعرفة والخبرات بين الدول يمكن أن يسهم في تطوير سياسات أكثر كفاءة لمواجهة التحولات الاقتصادية الناجمة عن الذكاء الاصطناعي.
وفي النهاية يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة كبيرة لتحسين الإنتاجية ودفع عجلة الابتكار، لكنه في الوقت ذاته يفرض تحديات معقدة على سوق العمل. لذا، فإن تكيّف الدول مع هذه التغييرات من خلال الاستثمار في التعليم والسياسات الداعمة سيكون مفتاحًا لضمان مستقبل اقتصادي مستدام.
يمثل أيضاً فرصة هائلة لزيادة الإنتاجية والابتكار، لكنه في الوقت نفسه يحمل مخاطر كبيرة على الوظائف التقليدية ، وبالتالي، تقع على عاتق الحكومات مسؤولية كبرى في تبني سياسات مرنة توازن بين الاستفادة من التقنيات الحديثة وحماية العمال من تداعياتها.
ويبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الدول من مواكبة هذه الثورة التكنولوجية قبل أن تصبح أزمة حقيقية تهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي؟