أخبار

فتاوى مواقع التواصل.. كيف نواجه الفوضى ونضمن الدقة؟

 

أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت منبرًا رئيسيًا لنشر الفتاوى والتوجيهات الدينية، حيث يتفاعل الملايين مع ما يُنشر من آراء دينية وتعليقات ومناظرات، مما يجعلها ساحة خصبة لنشر المفاهيم الصحيحة، لكنها في الوقت ذاته تحمل مخاطر كبيرة إذا لم يتم ضبطها بضوابط شرعية وعلمية دقيقة.

وخلال لقائه في برنامج “الفتوى والناس”، المذاع على قناة “الناس”، أشار الدكتور علام إلى أن النشاط الديني على المنصات الرقمية يشغل مساحة واسعة، مما يستدعي ضرورة تدخل المختصين لتقويمه وضبطه، للحيلولة دون انتشار الفتاوى غير المنضبطة التي قد تؤدي إلى بلبلة فكرية واجتماعية.

صفحات العلماء المزيفة.. أداة لنشر الفتاوى المغلوطة

وأوضح مفتي الديار المصرية السابق أن انتشار الصفحات غير الرسمية المنسوبة إلى كبار العلماء يُشكل تحديًا خطيرًا، حيث يقع المتابعون في حيرة بين عدة صفحات تدّعي جميعها أنها رسمية، في حين أن بعضها قد يكون تابعًا لجهات مغرضة تستغل أسماء العلماء لنشر أفكار مضللة.

وأضاف أن هناك من يستخدم هذه الصفحات المزيفة لنشر فتاوى تخدم أيديولوجيات معينة، وهو ما يُشكّل خطرًا كبيرًا على الوعي العام، إذ يُمكن أن تؤدي هذه الفتاوى إلى إشاعة الفُرقة بين الناس، أو تبرير ممارسات غير شرعية، أو حتى التحريض على العنف.

خطورة تعميم الفتاوى وظروفها الزمنية

وشدد الدكتور شوقي علام على أن الفتاوى قد تكون ظرفية، أي مرتبطة بحالات وأزمنة معينة، ولا يجوز تعميمها، مشيرًا إلى أن عدم مراعاة هذا المبدأ أدى إلى انتشار فتاوى خطيرة، مثل إباحة دماء الناس أو استباحة المال العام، وهو ما يترتب عليه آثار مدمرة على المجتمعات.

كما أشار إلى أن الفتوى مسؤولية كبرى، ولا بد أن تكون مبنية على العلم الشرعي، ومراعية للواقع المعاصر، محذرًا من الاستسهال في إصدار الفتاوى عبر الإنترنت دون دراسة دقيقة أو الرجوع إلى المؤسسات المختصة.

ضوابط الإفتاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي

حدد مفتي الديار المصرية السابق مجموعة من الضوابط التي يجب الالتزام بها عند نشر الفتاوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لضمان الدقة والحد من الفوضى الفقهية، ومن أبرزها:

1. التأكد من عدالة وأمانة المتصدر للفتوى، وعدم تقليد المجهولين الذين لا يُعرف علمهم أو مصادرهم الشرعية.

2. التحقق من صحة نسبة الفتوى إلى المفتي إذا كانت منقولة، مع ضرورة مراجعة المصدر الرسمي لها.

3. أن تكون الفتوى واضحة ومحددة، لا تحتمل تأويلات متعددة قد تُستخدم بشكل خاطئ.

4. تجنب الفتاوى المتعلقة بالنزاعات والمشكلات الأسرية المعقدة، نظرًا لضرورة الاستماع إلى جميع الأطراف لفهم السياق بشكل دقيق.

5. عدم إصدار فتاوى الطلاق والأحوال الشخصية عبر مواقع التواصل، حيث تختلف القوانين والعُرف اللغوي بين الدول الإسلامية.

6. الامتناع عن الإفتاء في القضايا المطروحة أمام القضاء، لأن “لا فتوى في دعوى”، ويجب ترك الأمر للقضاء المختص.

7. قصر الفتاوى التي تتعلق بمصالح الأمة العامة على الجهات الرسمية المختصة، لضمان عدم إثارة الفتن أو الجدل غير الضروري.

8. الاعتذار عن الفتوى في حال عدم توفر المعلومات الكافية، أو إذا كان هناك احتمال لإساءة استخدامها أو تحريفها.

9. التأكد من نية المستفتي وسؤاله عن تفاصيل إضافية عند الحاجة، لضمان دقة الفتوى وتناسبها مع وضعه الخاص.

اللجوء إلى العلماء الثقات.. ضرورة شرعية

واختتم الدكتور شوقي علام حديثه بالتأكيد على ضرورة أن يلجأ المسلمون إلى العلماء الثقات والمؤسسات الدينية الرسمية عند البحث عن الفتاوى، محذرًا من خطورة استقاء الأحكام الشرعية من مصادر مجهولة أو غير موثوقة عبر الإنترنت.

كما شدد على أن المؤسسات الدينية المعتبرة مثل دار الإفتاء والأزهر الشريف لها دور محوري في تقديم الفتاوى الصحيحة، وينبغي أن يكون الاعتماد عليها بدلاً من الانسياق وراء الفتاوى العشوائية التي قد تضلل العقول وتؤدي إلى انحراف الفكر والسلوك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى