تقارير-و-تحقيقات

“تطوير وسط البلد” بين مخاوف المواطنين وخطط الحكومة

تقرير – آية زكي

أثار الحديث عن مشروع استثماري جديد في منطقة وسط البلد جدلًا واسعًا بين أصحاب المحال التجارية والسكان، الذين يرفضون أي تدخل أجنبي في تطوير المنطقة، مقابل تأكيدات الحكومة بأنها تعمل على إعادة رونق “القاهرة الخديوية” عبر خطط ترميم ورفع كفاءة المباني.

مخاوف السكان وأصحاب المحال

وبين مؤيد و معارض أكد عدد من قاطني منطقة وسط البلد في تصريحات لـ “اليوم” أنهم لا يمانعون في تطوير المنطقة، لكن بشرط أن تكون الحكومة المصرية هي الجهة المنفذة، مع رفضهم الكامل لأي استثمار أجنبي قد يؤدي إلى تغيير معالمها التراثية.

وقال محمد إبراهيم، أحد سكان المنطقة، بأنه يعارض أي محاولات لتطوير وسط البلد من قبل رجال الأعمال أو أي جهات أخرى، مؤكدًا على تمسكه بالطابع التاريخي والثقافي للمكان، موضحًا، أن منطقة وسط البلد تتمتع بتاريخ طويل ونسيج اجتماعي مميز، ويخشى أن تؤدي مشروعات التطوير إلى فقدان المنطقة لهويتها الأصلية، وتحويلها إلى منطقة تجارية تخدم مصالح المستثمرين على حساب السكان الأصليين.

وأردف أحمد السيد، صاحب محل في المنطقة منذ 50 عامًا، إنه لم يعلم بوجود المشروع إلا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، دون أي إعلان رسمي أو استشارة لأصحاب المصالح المباشرة في المنطقة،مضيفًا،لم يتحدث معنا أي مسؤول رسمي، ونرفض بيع المنطقة لأي مستثمر مهما كان العائد المادي، مؤكدًا أن وسط البلد تحمل طابعًا تاريخيًا واقتصاديًا خاصًا لا يمكن المساس به.

أما حسن محمود، أحد سكان شارع طلعت حرب، فأوضح أن وسط البلد تحتاج فقط إلى ترميم وتحديث دون تغيير طابعها المعماري، قائلًا: نحن نريد صيانة المباني فقط، وليس إعادة تشكيلها وفق رؤية مستثمر أجنبي.

وأكد هاني غنيم، مستأجر محل تجاري بالمنطقة، على عدم وجود أي تواصل رسمي بشأن الخروج من المحال أو تعويضات، موضحًا: المحال تعمل يوميًا دون مشكلات، وأي تطوير يجب أن يكون من خلال الدولة، وليس من قبل رجال الأعمال الأجانب،و أضاف،أن عمليات التطوير قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الإيجارات وإجبار الكثيرين على مغادرة منازلهم، مما يغير من طبيعة الحياة في المنطقة.

تطوير وسط البلد بين التحديث والحفاظ على التراث

من ناحية أخرى، يرى بعض الخبراء أن تطوير وسط البلد قد يسهم في تحسين البنية التحتية وجذب الاستثمارات، مما ينعكس إيجابيًا على الاقتصاد المحلي ويوفر فرص عمل جديدة، ومع ذلك، يظل التحدي الرئيسي هو تحقيق توازن بين التطوير والحفاظ على الطابع التراثي والثقافي للمنطقة، مع مراعاة مصالح سكانها.

ومن جانبه، قال الدكتور الحسين حسان، خبير التنمية المستدامة و تطوير الحضاري، أن الحكومة تركز في الوقت الحالي على تجديد الواجهات الخارجية فقط بالتعاون مع وزارة الإسكان والجهاز القومي للتنسيق الحضاري، تنفذ حاليًا خطة تطوير تشمل ترميم واجهات المباني وتوحيد ألوانها باللون “البيج”، بما يتماشى مع الهوية المعمارية للمنطقة.

و أشار “حسان” في تصريحات لـ “اليوم“، إلى أن تظل المباني بحاجة إلى عمليات صيانة ورفع كفاءة من الداخل، وأرجع ذلك إلى أن أغلب هذه العقارات مأهولة بمستأجرين وفق نظام الإيجارات القديمة، ما يجعلهم غير معنيين بصيانتها باعتبارها ليست ملكية خاصة.

وأكد خبير التنمية المستدامة و التطوير الحضاري، دعمه لفكرة الاستثمار الأجنبي في منطقة وسط البلد، نظرًا للحاجة إلى تمويل ضخم لتطويرها بالكامل، سواء داخليًا أو خارجيًا، مشددًا، على أن المستثمر الأجنبي لن يقوم بهدم المباني التراثية، بل سيركز على رفع كفاءتها والاستفادة من قيمتها التاريخية، خاصة أن هذه المنطقة تحظى باهتمام السياح الذين ينجذبون إلى الأماكن ذات الهوية التراثية والطابع المعماري الفريد.

ما بين التطوير والحفاظ على الهوية

يأتي هذا الجدل في وقت كلف فيه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، مكتبًا استشاريًا بوضع رؤية متكاملة لتطوير وسط البلد، مع إتاحة بعض العقارات الحكومية السابقة للاستثمار، بعد انتقال الجهات الرسمية إلى العاصمة الإدارية الجديدة.

ورغم تأكيد الحكومة على عدم وجود نية لبيع المنطقة لمستثمرين أجانب، تبقى مخاوف المواطنين قائمة، خصوصًا مع تداول أخبار عن اهتمام رجال أعمال دوليين بتحويل وسط البلد إلى منطقة استثمارية على غرار “داون تاون دبي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights