عرب-وعالم

ترامب يوقف الحرب السيبرانية ضد روسيا.. تحول مفاجئ يربك الحلفاء

أصدر وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، تعليمات بتعليق جميع العمليات السيبرانية ضد روسيا، بما في ذلك الهجمات الإلكترونية الهجومية، وفقًا لما نشرته عدة وسائل إعلام أمريكية. ويأتي هذا القرار في إطار مراجعة شاملة للاستراتيجية الأمريكية تجاه موسكو، دون تحديد جدول زمني لاستئناف هذه العمليات.

ورفض البنتاغون التعليق رسميًا على هذه التقارير، مشددًا على أهمية سرية العمليات العسكرية، خاصة في المجال السيبراني. وأشارت مصادر أمنية إلى أن القرار يعكس رغبة إدارة ترامب في تقليل التوترات مع موسكو، في وقت يسعى فيه الرئيس الأمريكي إلى تحقيق انفراجة دبلوماسية في الأزمة الأوكرانية.

فمنذ تصاعد النزاع الروسي الأوكراني، اعتمدت واشنطن على الهجمات السيبرانية كأداة ضغط على موسكو، مستهدفة البنية التحتية الرقمية والشبكات الحيوية الروسية. ومع ذلك، يبدو أن الإدارة الجديدة تتجه نحو نهج أكثر حذرًا، خاصة مع تصاعد التحديات الداخلية التي يواجهها ترامب.

يأتي قرار وقف العمليات السيبرانية في ظل تحركات ترامب لعقد صفقة مع موسكو، تركز على إنهاء الحرب في أوكرانيا بوقف إطلاق نار غير مشروط. هذه الخطوة أثارت قلق حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، الذين يعتمدون منذ عقود على الدعم الأمريكي في مواجهة روسيا.

كما يخشى المسؤولون الأوروبيون أن يكون هذا التحول جزءًا من استراتيجية أمريكية أوسع لإعادة رسم المشهد الأمني في القارة، خاصة مع تراجع الالتزامات الأمريكية تجاه الناتو وظهور بوادر لتقليص المساعدات العسكرية لكييف.

وبهذا فإن التغير في السياسة الأمريكية وضع أوكرانيا في موقف صعب، حيث لم يعد بإمكان كييف الاعتماد بشكل كامل على الدعم الأمريكي المطلق. ومع تراجع المساعدات العسكرية وتوقف العمليات السيبرانية، تواجه أوكرانيا تحديات كبيرة في مواجهة القدرات العسكرية الروسية.

بحسب تقارير استخباراتية، فإن الجيش الأوكراني يعتمد بشكل متزايد على الهجمات السيبرانية ضد روسيا لتعويض النقص في المعدات والأسلحة التقليدية. ومع تراجع الدعم الأمريكي، قد تجد كييف نفسها مضطرة إلى البحث عن بدائل أخرى، سواء من خلال تعزيز التعاون مع حلفائها الأوروبيين أو تطوير قدراتها الذاتية في مجال الحرب الإلكترونية.

في الوقت الذي تتحدث فيه التقارير عن تعليق الهجمات السيبرانية، خرج مستشار الأمن القومي الأمريكي، مايك والتز، لينفي هذه الأنباء، مؤكدًا أن الإدارة لم تناقش مثل هذا القرار رسميًا. وقال والتز: “سنستخدم جميع الوسائل المتاحة لممارسة الضغط وإنهاء هذه الحرب.”

هذا التناقض في التصريحات يعكس حالة الانقسام داخل الإدارة الأمريكية بشأن كيفية التعامل مع روسيا وأوكرانيا، حيث يفضل البعض نهجًا أكثر تصالحًا، بينما يرى آخرون ضرورة الاستمرار في ممارسة الضغط على موسكو.

على الصعيد الداخلي، يواصل ترامب التركيز على القضايا التي تهم الناخب الأمريكي، مثل الهجرة والجريمة، بدلًا من التركيز على التهديدات الخارجية. وفي منشور حديث على منصته “تروث سوشيال”، كتب ترامب: “علينا أن نقلق أقل بشأن بوتين، ونركز أكثر على عصابات المهاجرين المغتصبين وكبار مهربي المخدرات والقتلة والمهاجرين المصابين باضطرابات عقلية الذين يدخلون بلادنا، حتى لا نصبح مثل أوروبا.”

هذا التصريح يعكس بوضوح استراتيجية ترامب في تحويل الأنظار من السياسة الخارجية إلى القضايا الداخلية، في محاولة لتعزيز شعبيته بين الناخبين الذين يفضلون التركيز على الأمن الداخلي والهجرة.

مع تحركات ترامب نحو تخفيف التصعيد مع روسيا، يتساءل الكثيرون عن مستقبل العلاقات بين البلدين. هل نشهد تحولًا جذريًا في السياسة الأمريكية يؤدي إلى صفقة كبرى مع موسكو؟ أم أن هذه مجرد خطوة تكتيكية ضمن حملة ترامب الرئاسية؟

في كل الأحوال، يبدو أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد اتجاه السياسة الأمريكية، خاصة مع استمرار التوترات في أوروبا، والانقسام داخل إدارة ترامب، والتغيرات المستمرة في موقف واشنطن تجاه الصراع في أوكرانيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights