تشبيه السماء بالوردة يوم القيامة.. إعجاز قرآني يكشف هول المشهد

أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن تشبيه القرآن الكريم للسماء يوم القيامة بالوردة ليس مجرد وصف جمالي، بل يحمل في طياته دلالات عميقة تعكس حجم التغيرات الكونية العظيمة التي ستحدث في ذلك اليوم الموعود.
وأوضح خلال حلقة برنامج “بلاغة القرآن والسنة” المذاع على قناة الناس أن الآية الكريمة “فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ” (الرحمن: 37) ترسم صورة بصرية بالغة التأثير، حيث تُشبَّه السماء عند تشققها وتصدعها بالوردة وذلك لاشتراكهما في اللون الأحمر مما يعكس مشهدًا استثنائيًا لا يمكن تصوره.
التشبيه دون أداة.. تأكيد على قوة المشهد
أشار رئيس جامعة الأزهر إلى أن القرآن لم يستخدم أداة تشبيه صريحة في هذه الآية وإنما اكتفى بوضع الصورة البلاغية مباشرة، مما يدل على قوة المشابهة بين اللون الأحمر للسماء الممزقة واللون الأحمر للوردة.
وبيَّن أن هذا الأسلوب البلاغي يعمّق الإحساس بالمشهد حتى يكاد الإنسان لا يفرق بين الحُمرة التي تغمر السماء في ذلك اليوم الرهيب، وبين لون الوردة الحمراء.
وأوضح أن التركيز على اللون الأحمر يحمل في طياته دلالات نفسية وكونية حيث يُعد اللون الأحمر رمزًا للخطر والتحذير، مما يجعل الصورة أكثر رعبًا وفزعًا.
فبينما اعتاد البشر رؤية السماء بلونها الأزرق الهادئ فإن انقلابها إلى اللون الأحمر الداكن يوم القيامة يعكس تحولًا جذريًا في النظام الكوني يتناسب مع سيناريو انهيار الكون وتغير معالمه بالكامل.
تحولات كونية شاملة في مشهد يوم القيامة
سلط الدكتور سلامة داود الضوء على أن القرآن الكريم قدم صورًا متعددة لمشاهد يوم القيامة، جميعها تعكس التغيرات الجذرية التي ستحدث في الكون.
فمن مشهد الناس وهم كالفراش المبثوث المنتشر في كل اتجاه، إلى تحول الجبال الصلبة إلى عِهنٍ منفوش كالصوف المتطاير وصولًا إلى انهيار السماء نفسها التي كانت رمزًا للقوة والثبات وتحولها إلى كتلة متشققة بلون دموي مخيف.
وأضاف أن هذا التغير الدراماتيكي للسماء يتماشى مع باقي التغيرات العظيمة في يوم القيامة حيث تختفي المعالم التي اعتاد عليها الإنسان ليحل محلها مشهد غير مألوف يثير الخوف والرهبة في القلوب.
بلاغة التشبيه وإعجازه القرآني
أكد رئيس جامعة الأزهر أن تشبيه السماء بالوردة يوم القيامة يحمل إعجازًا بلاغيًا فريدًا إذ استُدعيت صورة مبهجة ومألوفة للإنسان وهي الوردة لوصف مشهد مروّع وغير مألوف على الإطلاق.
هذا التناقض بين الصورة الذهنية للوردة التي ترتبط عادة بالجمال والحياة وبين المشهد الكارثي الذي تصفه الآية يخلق تأثيرًا نفسيًا قويًا يعزز من وقع الصورة في النفوس.
وأشار إلى أن العرب قبل نزول القرآن لم يستخدموا هذا التشبيه، رغم شيوع تشبيه الخدود بالورود في أشعارهم مما يدل على أن التصوير القرآني جاء بأسلوب فريد لم يسبق إليه ليؤكد بذلك عظمة الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم وقدرته على تقديم صور بيانية غير مسبوقة تعبّر بأبلغ الألفاظ عن أعظم الأحداث.
إن تشبيه السماء بالوردة يوم القيامة ليس مجرد تعبير بلاغي، بل هو وصف دقيق يحمل دلالات نفسية وكونية عميقة فاختيار اللون الأحمر والانقلاب الجذري في مشهد السماء والتناقض بين المألوف والمخيف كلها عوامل تجعل هذه الآية من أقوى الآيات التي تجسد هول يوم القيامة وعظمة الإعجاز القرآني في تصوير الأحداث الكونية الكبرى.
https://www.youtube.com/watch?v=rPCb2Wqcvs0