رمضان.. إعادة برمجة للنفس وتعزيز لقيم العطاء

أكد الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن شهر رمضان يمثل أكثر من مجرد الامتناع عن الطعام والشراب، فهو بمثابة دورة نفسية سنوية تساعد الإنسان على إعادة برمجة نفسه على القيم الإيجابية، وأبرزها الكرم والعطاء.
وأشار الدكتور المهدي خلال حلقة برنامج “راحة نفسية”، المذاع على قناة “الناس” إلى أن العبادات الرمضانية مثل الصيام، الصلاة، الزكاة، والصدقات تساهم بشكل كبير في تهذيب النفس وتقويم السلوك، مما يؤدي إلى تغيرات ملحوظة في شخصية الأفراد.
كيف يؤثر رمضان على سلوك الإنسان؟
أوضح أستاذ الطب النفسي أن رمضان يحدث تحولًا نفسيًا عميقًا لدى الأفراد حيث يلاحظ أن الأشخاص الذين يُعرفون بالحرص الشديد على ممتلكاتهم يصبحون أكثر سخاءً خلال هذا الشهر المبارك. وأضاف: “نرى في رمضان تغيرًا واضحًا في سلوك الناس؛ فالأشخاص الذين اعتادوا على التمسك بأموالهم تجدهم ينفقون بسخاء ويحرصون على إقامة الولائم وإخراج الصدقات ولهذا نصف رمضان بأنه شهر الكرم.”
وأوضح أن السبب وراء هذا التغيير يعود إلى أن النفس البشرية تعمل وفق برامج نفسية مشابهة لأنظمة الكمبيوتر، حيث تتأثر بالعوامل المحيطة بها.
وعلى مدار العام قد تتلوث هذه البرامج بمفاهيم مثل حب التملك والأنانية لكن في رمضان بفضل الطقوس الدينية والاجتماعية، يحدث نوع من “إعادة ضبط المصنع” للنفس البشرية مما يساعد الإنسان على التغلب على غريزة التملك والاستمتاع بمشاعر العطاء.
العطاء.. تجربة نفسية تمنح الأمان والرضا
أكد الدكتور المهدي أن العطاء ليس مجرد التزام ديني، بل هو تجربة نفسية تمنح الإنسان شعورًا بالراحة والقيمة الذاتية فالإنسان عندما يساعد المحتاجين يشعر بأنه يقوم بدور إنساني مهم، مما يعزز إحساسه بالسعادة والأمان النفسي.
كما أن الكرم يعمل على تخفيف القلق المرتبط بالخوف من فقدان المال حيث يكتسب الإنسان شعورًا بالثقة بأن ما ينفقه سيعود إليه بشكل أو بآخر.
وأشار إلى أن الدراسات النفسية أثبتت أن الأشخاص الأكثر كرمًا يتمتعون بصحة نفسية أفضل، حيث يقل لديهم الإحساس بالضغط والتوتر، ويزداد لديهم الشعور بالرضا والسعادة.
كيف نحافظ على قيم رمضان بعد انتهائه؟
شدد الدكتور المهدي على ضرورة استثمار التغييرات الإيجابية التي تحدث في رمضان والعمل على استمرارها حتى بعد انتهاء الشهر الكريم.
وقال: الكرم والعطاء ليسا محصورين في رمضان فقط، بل هما سلوكيات يجب أن نحافظ عليها طوال العام لما لهما من أثر عميق على الفرد والمجتمع بأسره.
وأضاف أن الاستمرار في ممارسة قيم العطاء يعزز الشعور بالانتماء والتكافل الاجتماعي مما يخلق مجتمعًا أكثر تماسكًا ورحمة.
ودعا الجميع إلى استغلال الفرصة التي يمنحها رمضان لإعادة ترتيب الأولويات النفسية، والسعي نحو نمط حياة أكثر إنسانية وسعادة.
لمتابعة حديث الدكتور محمد المهدي حول التأثير النفسي لشهر رمضان، يمكن مشاهدة الحلقة الكاملة عبر الرابط التالي:
شاهد الفيديوhttps://www.youtube.com/watch?v=4XXSuc-3DS0